بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
قيل : هلك المُسَوِّفون ، المُسَوِّف الذي إذا جلس في مجلس علم ، أو في خطبة جمعة ، وتأثَّر بأفكارها ، وأراد أن يتوب إلى الله عز وجل قال :سأفعل بعد حين ! في أوّل العام الدراسي إذا كان طالبًا أو في أوّل انتهائِهِ من الفُحوص ، إذا كان في العام الدّراسي ، أو بعد أن أتزوّج ، أو بعد أن أُؤسِّس هذا المحلّ !! هذا الذي يعلّق توبته على حدثٍ مستقبلي ، إنّه مسوِّف ، وقد قيل ، هلك المسوِّفون ، لأنّه قد لا يدري أيَصِلُ إلى هذا الموعد ، أو لا يصل ؟ فيا أيها الإخوة العلم ما لم يُعْملُ به ، الجهل أولى منه ، لأنّ العلم يضعُك عند مَسؤوليّاتك ، العلم ما لم يُعْملُ به كان الجهل أولى منه ، لأنّ الجاهل له حساب ، والذي بلغه العلم له حساب فيا أيها الإخوة، الإنسان إذا اتَّعَظ ، أو إذا تأثَّر ، أو إذا أجْرى محاكمةً منطقِيَّةً فرأى أنَّ الخير أن يتوب إلى الله ، أنّ الخير أن يدعَ هذا العمل ، أنّ الخير أن يدَعَ هذه التِّجارة ، الخير أن يضبط بيتهُ ضبطًا إسلاميًّا ، الخير أن ينطلق إلى طاعة الله عز وجل ، إذا رأى الخير كذلك فلا يُسَوِّف لأنّه إن سوَّف هلك ، وهلك المُسوِّفون ، أساسًا ما من واحد على وجه الأرض متلبّس بِمَعصيَة إذا كان على إيمانٍ ضعيف بالله عز وجل إلا ويقول : سوف أتوب إن شاء الله ، ولكن كلمة سوف في موضوع التوبة ربّما كانت مهلكة ، فلذلك عقدَ أحدكم العزم أن يتوب فلْيَتُب من توِّه ، ولْيُبادر إلى إصلاح ظاهره وباطنه ، وليُقِم الإسلام في بيته ، إن فعل ذلك قطَفَ الثِّمار يانعةً في اللّحظة التي يتوب فيها ، إذا رجع العبد العاصي إلى الله نادى منادٍ في السماوات والأرض أن هنِّؤوا فلانًا فقد اصطلح مع الله ، التَّهْنئة الحقيقيّة لا في شراء البيت ، ولا في زواجٍ ناجح ، ولا في اقْتناء مركبةٍ ثمينة ، ولا في اعتِلاء منْصِبٍ رفيع ، التَّهنئة الحقيقيّة تلك التي تحصل إذا اصطلح الإنسان مع ربّه، وتعرّف إليه ، وطبَّق منهجُ ، إذًا هو في الخطّ الصحيح ، وفي الموقع الصحيح ، وفي الهدف الصحيح ، يشعر أنَّه حقق الهدف من وُجود ، وحقَّق إنسانيّته .
اللهمّ اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيْت ، وتولَّنا فيمن تولّيْت ، وبارك اللّهم لنا فيما أعْطيت ، وقنا واصْرف عنَّا شرّ ما قضَيْت فإنَّك تقضي ولا يُقضى عليك ، إنَّه لا يذلّ من واليْت ، ولا يعزّ من عادَيْت ، تباركْت ربّنا وتعاليْت ، ولك الحمد على ما قضيْت نستغفرك اللهمّ ونتوب إليك ، اللهمّ هب لنا عملاً صالحًا يقرّبنا إليك ، اللهمّ أعطنا ولا تحرمنا ، وأكرمنا ولا تهنّا ، وآثرنا ولا تؤثر علينا ، وأرضنا وارضَ عنَّا ، وأصْلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصْلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصْلح لنا آخرتنا التي إليها مردُّنا ، واجْعل الحياة زادًا لنا من كلّ خير ، واجعل الموت راحةً لنا من كلّ شرّ ، مولانا ربّ العالمين ، اللهمّ اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمَّن سواك ، اللهمّ لا تؤمنَّا مكرك ، ولا تهتِك عنَّا سترَك ، ولا تنسنا ذكرك ، يا رب العالمين ، اللهمّ إنَّا نعوذ بك من عُضال الداء ومن شماتة العداء ، ومن السَّلْب بعد العطاء ، يا أكرم الأكرمين ، نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الذلّ إلا لك ، ومن الفقر إلا إليك ، اللهمّ بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحقّ والدِّين ، وانصر الإسلام ، وأعزّ المسلمين، وخُذ بيَدِ وُلاتهم إلى ما تحبّ وترضى ، إنَّه على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .
والحمد لله رب العالمين
- مما قرأت-