إذا أحبك الله جعل لك القبول في الأرض ..
يقول الشيخ العريفي:
قبل عشر سنوات..
في أيام الربيع ...وفي ليلة بارده كنت في البر مع أصدقاء
تعطلت إحدى السيارات ..فاضطررنا إلى المبيت في العراء .. اذكر إنا اشعلنا نارًا تحلقنا حولها ...وما أجمل أحاديث
الشتاء في دفيء النار ..طال مجلسنا فلاحظت أحد الأخوه انسل من بيننا..كان رجلا صالحا ..كانت له عبادات خفيه ...
كنت اراه يتوجه إلى صلاة الجمعه مبكرا ..بل أحيانا
وباب الجامع لم يفتح بعد..!!
قام وأخذ إناءً من ماء..ضننت أنه ذهب ليقضي حاجته ..
أبطأ علينا قمت اترقبه...فرأيته بعيداً عنّا ..
قد لف جسده برداء من شدة البرد وهو ساجد على التراب ...
في ظلمة الليل ...وحده ..يتملق ربه ويتحبب إليه ..
.كان واضحًا أنه يحب الله تعالى...واحسب أن الله يحبّه أيضًا...
ايقنت أن لهذه العبادة الخفيه ...عزاً في الدنيا قبل الأخره..
مضت السنوات ...وأعرفه اليوم ...
قد وضع الله له القبول في الأرض ..له مشاركات في الدعوه
وهداية الناس ...إذا مشى في السوق أو المسجد...
رأيت الصغار قبل الكبار يتسابقون إليه.. مصافحين .. ومحببين ..
كم يتمنى الكثيرون من تجار ...
.وأمراء ..ومشهورين ..أن ينالو في قلوب الناس مثل مانال..
ولكن هيهاااات...
(أن الذين يعملون الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا)
أي يجعل لهم محبةً في قلوب الخلق...
إذا أحبك الله جعل لك القبول في الأرض ...
قال :"إن الله إذا أحب عبدًا نادى جبريل ..
فقال :إني قد أحببت فلانًا فأحبه..
فيحبه جبريل..
ثم ينادي في أهل السماء:
أن الله يحب فلانًا فأحبوه ... فيحبه أهل السماء...
قال:ثم تنزل له المحبه في أهل الأرض ..
.
فذلك قول الله تعالى :
(أن الذين آمنو وعملو الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودًا)
وإذا ابغض الله عبدًا..نادى جبريل :إني ابغضت فلانا فأبغضه ...
فيبغضه جبريل ..
ثم ينادي في أهل السماء:
إن الله يبغض فلانا فأبغضوه ..
فيبغضه أهل السماء ..ثم تنزل له البغضاء في الأرض....
آآآآه ...ماأجمل أن تعيش على الأرض
.. تأكل .. وتنام ..والله ينادي بأسمك
في السماء( أني احب فلانا فأحبوه )
.
والعباده الخفيه أنواع ..منها:
الحفاظ على صلاة الليل ..
ولو ركعة واحده وترًا كل ليله...تصليها بعد العشاء
مباشره... أو قبل أن تنام ..أو قبل الفجر.. لتكتب عند الله من قوام الليل ...
قال :"
أن الله وتر يحب الوتر ..فأوتروا ياأهل القرأن"
ومنها
الإكثار من ذكر الله .. فأن من أحب شيئًا أكثر من ذكره ....
وفي الحديث قال :
"الآ أنبئكم بخير أعمالكم .. وأزكاها عند مليككم.. وأرفعها في درجاتكم.. وخير لكم من إعطاء الذهب والفضه... وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربواأعناقهم ويضربوا أعناقكم ..؟ قالوا:بلى..وما ذاك يارسول الله ؟ قال ذكر الله عز وجل"
.
كان أبو بكر رضي الله عنه
إذا صلى الفجر خرج إلى الصحراء .. فاحتبس فيها شيئًا يسيرًا..
ثم عاد إلى المدينه ..فعجب عمر رضي الله عنه من خروجه ...
فتبعه يومًا خفيةً بعدما صلى الفجر ...فإذا أبو بكر يخرج من المدينه ويأتي خيمه قديمه في الصحراء .. فاختبأ له عمر خلف صخره...
فلبث أبو بكر في الخيمه شيئا يسيرا .ثم خرج ...
فخرج عمر من وراء صخرته ودخل الخيمه ... فأذا فيها امرأه ضعيفه عمياء ...وعندها صبيه صغار ...
فسألها عمر :من هذا الذي يأتيكم ...
فقالت : لا أعرفه ..هذا رجل من المسلمين ..
يأتينا كل صباح منذ كذا وكذا...
قال :فماذا يفعل ؟
قالت : يكنس بيتنا ..ويعجن عجيننا .. ويحلب داجننا ... ثم يخرج ..
فخرج عمر وهو يقول :
لقد اتعبت الخلفاء من بعدك ياأبا بكر ...لقد اتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر...
.
وكان علي بن الحسين رضي الله عنهما يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل .
فيتصدق بها ... ويقول: أن صدقة السر تطفئ غضب الرب ...
فلما مات وجدوا في ظهره آثار سواد ..فقالو : هذا ظهر حمّال.. وما علمناه إشتغل حمالاً..فانقطع الطعام عن مائة بيت في المدينه ..من بيوت الأرامل والأيتام .. كان يأتيهم طعامهم بالليل..لايدرون من يحضره إليهم .. فعلموا أنه هو الذي كان يحمل الطعام إلى بيوتهم بالليل وينفق عليهم ..
.
وصام أحد السلف عشرين سنة
..يصوم يومًا ويفطر يومًا ...وأهله لايدرون عنه..
كان له دكان يخرج إليه إذا طلعت الشمس ويأخذ معه
فطوره وغداءه...فإذا كان يوم صومه تصدق بالطعام ..
وإذا كان يوم فطره أكله ..
نعم ... كانوا يستشعرون العبوديه لله في جميع أحوالهم ...
هم المتقون...
والله يقول:
(أن للمتقين مفازا *حدائق واعنابا * وكواعب اترابا* وكأسا دهاقا * لايسمعون فيها لغوا ولا كذابا*جزاءمن ربك عطاءً حسابا)
.
أين نحن منهم ... !!
وهل فعلنا شيء يحبنا الله فيه !!