السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اما بعد
هل ذقت حلاوة الايمان
وطعم الإيمان لا يتغير ولا مذاق له إلا الحلاوة، وحلاوة الإيمان يتذوقها من كان أهلاً لذلك، وهي حلاوة لا تدرك بغير صفات
حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة من كن فيه ذاق حلاوة الإيمان، من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء، لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار)، ذلك أنه رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا فكان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأصبح لا يفعل شيئا إلا بحثا عن مرضاة الله ورسوله فلا يحب العبد إلا في الله ويكره أن يعود إلى الكفر بعد أن ذاق طعم الإيمان بالله وبدينه وبرسوله.
ويجد المؤمن حلاوة طعم الإيمان في الحياة الطيبة، التي تكتب له بإيمانه ويحصلها بقوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)، وهي إحدى ثمرات حلاوة الإيمان وطعمه في الحياة الدنيا، ويجد المؤمن طعم الإيمان في اطمئنان القلب الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، فاطمئنان القلب من حلاوة الإيمان التي إذا خالطت بشاشة القلوب تجعل صاحبها مع الله سبحانه في كل وقت وحين، في حركات العبد وسكناته، في ليله ونهاره، مع الله خالقه وبارئه وموجده وناصره، ولذلك أمرنا رسولنا أن نقول دائمًا رضيت بالله ربًّا وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا اللهم إنا نشهدك أنا رضينا بك ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا)، ويحس المؤمن طعم الإيمان في رعاية الله له وهدايته إلى الصراط المستقيم وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)، وتلك أحلى ثمرات حلاوة الإيمان.
ومتى ظفر العبد بهذه الهداية سكن في الدنيا قبل الآخرة في جنة لا يشبه نعيمها إلا نعيم جنة الآخرة, فانه لا يزال راضيا عن ربه, والرضا جنة الدنيا، ومستراح العارفين, فانه طيب النفس بما يجري عليها من المقادير التي هي عين اختيار الله له, وطمأنينته إلى أحكامه الدينية, وهذا هو الرضا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا، وما ذاق طعم الإيمان من لم يحصل له ذلك، وهذا الرضا هو بحسب معرفته بعدل الله وحكمته ورحمته وحسن اختياره, فكلما كان بذلك كان به أرضى فقضاء الرب سبحانه في عبده دائر بين العدل والمصلحة والحكمة والرحمة, لا يخرج عن ذلك البتة كما قال صلى الله عليه وسلم في الدعاء المشهور اللهم إني عبدك, ابن عبدك, ابن أمتك, ناصيتي بيدك, ماض فيّ حكمك, عدل في قضاؤك, أسألك بكل اسم هو لك, سميت به نفسك, أو أنزلته في كتابك, أو علّمته أحدا من خلقك, أو استأثرت به في علم الغيب عندك, أن تجعل القرآن ربيع قلبي, ونور صدري, وجلاء حزني, وذهاب همي وغمي, ما قالها أحد قط إلا أذهب الله همه وغمه وأبدله مكانه فرجا قالوا: أفلا نتعلمهن يا رسول الله؟ قال: بلى ينبغي لمن يسمعهن أن يتعلمهن).
والمقصود من قوله عدل فيّ قضاؤك, وهذا يتناول كل قضاء يقضيه على عبده من عقوبة أو ألم وسبب ذلك, فهو الذي قضى بالسبب وقضى بالمسبب وهو عدل في هذا القضاء وهذا القضاء خير للمؤمن كم قال صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له, وليس ذلك إلا للمؤمن
صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم
وجزاكم الله جميعا الجنه انه ولي ذلك والقادر عليه