تخيل
لو أنّك استيقظت صباحاً في يوم من الأيّام ووجدت بيتك خالياً لا أحد فيه
سواك!!… كل أهلك ومن يسكن معك قد سافروا جميعا!… ولست تدري إلى أين؟…
لماذا؟…أو متى؟… أو كيف حدث أنّك لم تشعر بهم أو أنّهم لم يخبروك؟!!…
فماذا تفعل؟!
وماذا لو حشرت أو حبست مرة في مصعد لوحدك…… توقف
عليك فجأة…… ورغم الصراخ والمناداة… وضربك للجدران…… لا أحد يسمعك!!…… أنت
تسمعهم من بعيد يذهبون ويأتون ويتحاورون…… لكن لا أحد يسمعك أو يشعر بك
وكأنّك غير موجود……… فماذا تفعل؟!
وماذا لو وضعوك في حفرة ضيقة
يلتصق فيها كتفاك بالجدار… فلا تقوى على تحريك إحدى يديك أو رجليك… وبدأت
تشعر بأكوام التراب تهال على وجهك وجسدك… حتى قضت على آخر فتحة تدخل إليك
هواء الدنيا… أو ترى خلالها السماء فوقك…… أنت تسمعهم فوقك يستغفرون
ويوحدون…… ثم وقع أقدامهم وهم يرحلون…… أتناديهم …… إنّهم لن يسمعوك!! ……
فهذه نهاية المطــاف…… وهذا هو قبــــــــــــرك………
أنزلوك
نظيفاً ملفوفاً…. وسط التراب …. في غرفة ضيقة… وإنّها قد تضيق وتضيق
فتعتصرك حتى تتداخل فيها أضلعك وعظام صدرك…. وقد يفسح لك فيها على مد
بصرك......
...... وبعد فترة.. ماذا سيتبقى منك ……
……… سوى العظام والتراب ………
النفس تبكي على الدنيا وقد علمت
أنّ السلامة فيها ترك ما فيها
لا دار للمرء بعد الموت يسكنـهـا
إلاّ التي كان قبل الموت بانيها
فإن بناها بخــير طاب مسكنـه
وإن بناها بشر خاب بانيهـا