بسم الله الرحمن الرحيم
بدايةً أسوق إليكم هذه القصة التي حدثني بها أحد الآباء عن إبنه صاحب السنوات التسع !! وهذا الأب هو زميل عمل .. فيقول :
في أحد الليالي وبينما أنا للتو أدلف إلى بيتي ، إذ بإبني (.....) يبادرني بطلب غريب .. غريب في ذاته ، وغريب في توقيته ، فأنا لم أكد أستريح من عناء يوم شاق .. فقال لي (الأب) : ماذا تتوقع طلب مني هذا الأبن ذو التسع سنوات ؟؟!! .. فقلت له : لا أدري .. فقال (الأب) : لقد طلب مني أن أُحضر له مادة (الجلي) .. وهي مستحضر يوضع على الشعر فتجعل له لمعاناً وشكلاً غريباً بعض الأحيان .. فسأل الأب إبنه : وماذا تريد من هذا الجلي يا بني ؟!!! قال الإبن لأبيه : أُريد أن أضعه على شعري يا أبي !!! فقال له الأب : ولماذا تفعل ذلك ؟!!! فقال له الأبن : حتى أكون مثل أحمد !!!!! قال الأب : ومن هو أحمد يا حبيبي ؟!!! قال الإبن : ألا تعرف أحمد يا بابا !!!!! فقال له : لا . لا أعرف من هو أحمد الذي تعنيه . فقال له : أحمد . ذلك الشاب الوسيم الذي يظهر في برنامج (س . أك) !!!!! فقال له الأب : وما هو هذا البرنامج ؟؟!! قال الأب : فتعجب مني إبني وسألني مستنكراً : ألا تعرف ذلك البرنامج الشهير جداً الذي لا تكاد تخلو جلسة من الحديث عنه ، حتى أني وأصحابي في المدرسة نتكلم عنه أكثر مما نتحدث عمَّا ندرسه !! فقال له الأب : للأسف يا بني ، أنا أشغالي كثيرة ، ولا أكاد أتمكن من مشاهدة التلفاز كما تعلم . فرد عليه الإبن : إذن تعال يا أبي حتى تشاهد أحمد وباقي رفاقه ، وأنا واثق أنك سوف تُعجب به كما حصل معي ..
يقول الأب : فذهبت مجاملة لإبني الذي يتمتع بذكاء حاد ونبوغ مبكر لأُشاهد ما يُريدني أن أشاهده ، فوالله ثم والله لقد صُدمت مما شاهدت ، يا الله . ما هذا الذي أراه ، ما هذا التفسخ ؟!! ما هذا الإنحلال ؟!! ما هذا الإنحطاط الأخلاقي والإبتذال ؟!! شاب يضم شابة لا تحل له وعلى مرأى من ملايين الشباب والشابات ؟؟!! بل ويتعدى الأمر ذلك إلى أن يُقبلها أمام الكامرات التي تنقل ذلك لمن يشاهدهم من المراهقين والمراهقات ؟؟!! أما اللباس فحدِّث ولا حرج !! بل وحتى نومهم يتم نقله عبر هذه الكاميرات ليشاهد الناس كيف ينام هؤلاء الشباب والشابات !!!!!
قال الأب : فما كان مني إلا أن حرمتهم مشاهدة تلك القناة بعد أن أصابني ما أصابني مما شاهدته ، والله لقد تأثرت كثيراً لما رأيت . وأحزنني أني جعلت أبنائي يرون ذلك ويتأثرون به .
ثم أخذت أناقشه حول هذا الموضوع وحول خطورة هذا الجهاز وجعله في متناول المراهقين يشاهدون فيه كل ما هب ودب دون رقيب أو حسيب ..
الآن جاء دور السؤال الذي يفرض نفسه فرضاً :
ماذا قدمت الفضائيات العربية لأمتنا ؟؟!!
خصوصاً في خضم هذه الأحداث المتسارعة ، وفي الوقت الذي تشهد فيه أمتنا تدهوراً شديداً لأوضاعها على جميع الأصعدة ..
ثم .. هل كل ما يصلح للغرب يصلح للعرب ؟!
لماذا السواد الأعظم مما تعرضه الفضائيات العربية هو عبارة عن مُحاكاة لما تعرضه الفضائيات الغربية ؟!
ولماذا لا يُختار سوى الهابط والمستهجن والمستقبح من تلكم الفضائيات الغربية ؟!
إلا يكفي ما يوجه لشباب هذه الأمة من سهام مسمومة من تلكم القنوات الغربية حتى تأتي القنوات العربية وتزيد من تلكم السهام ؟!
هل الأهم لتلك الفضائيات - أعني العربية - أن تجني المال على حساب الذائقة العامة بل وأحياناً على حساب بعض ثوابت الدين فحسب ؟!
وبعد كل ذلك .. هل يمكننا أن نقول أن فضائياتنا العربية لا تعدو كونها مجرد نسخة معرَّبة من الفضائيات الغربية ؟!
وهل هذه الفضائيات هي مرآة شعوبها ؟؟!! هل كل ما يُعرض فيها يُعمم على أنه هو حال الشارع ؟!
وهل نقلت الفضائيات العربية صورة إيجابية عن شعوبها أم أنها زادت الطين بِلة ؟!!
وهنا يحضرني قول الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم حينما قال : (لتتبعن سنن من كان قبلكم، شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم). قلنا : يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال : (فمن). (البخاري / الجامع الصحيح 7320) ..
أترك الموضوع لتعليقاتكم ومشاركاتكم ...