بسم الله الرحمان الرحيم
العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه قولاً وعملاً، وتحقق بامتثال أوامره واجتناب نواهيه وتعظيم شعائره والوقوف عند حدوده عموماً.
وأنواع العبادةكثيرة، ومن أهمها: الدعاء والإنابة والخوف والرجاء والخضوع والرغبة والرهبة والاستعانة والاستعاذة والاستغاثة والتوكل والتأله بالمحبة والتعظيم والذبح والنذر والصلاة والصدقات والصوم والحج والجهاد وغير ذلك.
فيجب الإخلاص لله بجميع ذلك.
ومن صرف شيئاً منها لغير الله فهو مشرك غير محقق للإخلاص ولا ملتزم بمدلول الشهادتين. طيب... ما هو الدليل على ذلك؟
الأدلة كالآتي:
دليل الدعاء قوله تعالى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً}، {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}.
ودليل الإنابة قوله تعالى {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ}.
ودليل الخوف والرجاء قوله تعالى {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ}، وقوله {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
ودليل الخشية قوله تعالى {فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ}، {وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ}.
ودليل الخشوع والرغبة والرهبة قوله تعالى {وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}، ومن السنة حديث حصين بن المنذر المشهور إذ سأله النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً (كم اإلهاً تعبد؟)، قال: سبعة، ستة في الأرض وواحد في السماء، فقال له الرسول: (فمن لرغبتك ورهبتك؟)، قال: الذي في السماء.
ودليل الاستغاثة والاستعانة قوله تعالى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.
ودليل الاستعانة قوله تعالى {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}.
ودليل التوكل قوله تعالى {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
ودليل التأله بالمحبة قوله تعالى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ..}.
ودليل الذبح والنذر والصلاة والنسك قوله تعالى {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ..}، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من ذبح لغير الله فقد أشرك)، وتحريم القرآن ما أهل لغير الله به من ذبح أو نذر وصفه الله في سورة الأنعام بأنه (رجساً أو فسقاً).
جيد جدا... عرفنا كل ذلك... إذن ما هو واجب المسلم أمام الله؟
واجبه أن يعتبر نفسه خليفة لله في أرضه، جندياً له فيها، يسعى بالصلاح والإصلاح، ويبذل غاية جهده وما يملك لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الكفر هي السفلى.
ويعتبر نفسه مسؤولاً أمام الله عما يحدث في الأرض من كفر وظلم وفساد، فيكرس جميع مجهوده للاستعداد بالقوة وتسخير جميع ما يقدر عليه من المواد في جميع العوالم لهذا الغرض السامي النبيل، الذي ينقذ به البشرية من الضلال والدمار والانحلال ويحررها من عبودية بعضها البعض ويزكي نفوسها بالتقوى والصلاح.
غير متلبس بالأثرة ولا طامع في منصب أو لقب، وهذا هو مبدأ الرسل ومن سار على منهاجهم، متبعاً لهدى الله.
ومن أنحرف عنه أو قصر فيه كان مفرطاً في جنب الله خارجاً من طاعته مفترياً عليه، ومتعرضاً لعقوباته الشرعية والقدرية.