ها هي الأمة تنتظر قدوم شهر رمضان المبارك، وقد استوقفني هذا القدوم كثيراً، ودعتني نفسي للمشاركة في الترحاب به، غير أن الأماني اجتالت في خاطري كثيراً، عاد رمضان هذا العام وفي بلاد المسلمين أحزان ماثلة، وظلمات عاتية، عاد وقد خلّفت الحرب في بلاد المسلمين يتيم يترقرق الدمع في عينيه ألا يجد من يواسيه، وأسرة فقدت معيلها فباتت تساهر القمر، وتنتظر بلج الصبح لعرض شكواها على عامة المسلمين في سؤال عشاء، أو البحث عن كساء، وأحوال ترصدها العين، من أشلاء ودماء، وفراق وشتات، وأنت آمن في بيتك، مطمئن في حياتك، مسرور بأفراحك، فماذا أنت فاعل مع هذا القدوم المبارك.
أقبل رمضان وبين طياته حديث عظيم يقول فيه النبي : { إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين } وشهر تفتح فيه أبواب الجنان ما أجدرنا إلى اغتنامه بصيام النهار الذي تحدث رسول الله عن فضله فقال: { من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه } وصلاة الليل مع عامة المسلمين في بيوت الله تعالى، التي بلغ من فضلها أن رسول الله قال: { من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه }. فإن أبيت إلا أن تكون حريصاً على المعصية، مصراً على التقصير في الطاعة، حتى في زمن الخيرات فأخشى أن يُحال بينك وبين الهداية، وحينئذ تتحقق فيك عظيم الخسارة. فياليت شعري من يفيق من غفلته قبل فوات أزمان الطاعة فإن للربح أياماً، وللتجارة أوقاتاً. والخاسر من فاتته الفضائل وتمنى على الله الأماني. فإياك إياك.
هذه رسالتي بين يديكم، ولم يكن دافعها إليكم إلا فيض مشاعر الحب لشخصكم الكريم، وأمنية تؤجج في نفسي آمالاً أن تكونوا بعد هذه الأسطر أحسن حال من سالف الأيام. حفظكم الله وستركم، وأقر عين أمتكم بصلاحكم وتوبتكم. إنه أكرم مسؤول