فوفه الملقوفه
الموقع : السعوديه >> با المزاحميه العمل/الترفيه : قول يا الله و أنا أقول يا الله عسى دمعتك ما تنزل إلا من خشية الله المزاج : • لن ترتوي يا قلب إلا بنفحة إيمان و لن تكتحلي يا عين إلا برؤية الرحمن نقاط : 6256
| موضوع: باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول الأحد يونيو 26, 2011 7:14 am | |
| باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول، وقول الله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ .
وعن ابن عمر، ومحمد بن كعب، وزيد بن أسلم، وقتادة -دخل حديث بعضهم في بعض- أنه: قال رجل في غزوة تبوك: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا، ولا أكذب ألسنة، ولا أجبن عند اللقاء، يعني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه القراء.
فقال له عوف بن مالك: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذهب عوف إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليخبره، فوجد القرآن قد سبقه.
فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد ارتحل وركب ناقته، فقال يا رسول الله: إنما كنا نخوض ونتحدث حديث الركب نقطع به عناء الطريق.
قال ابن عمر: كأني أنظر إليه متعلقا بنسعة ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن الحجارة تنكب رجليه، وهو يقول: إنما كنا نخوض ونلعب. فيقول له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ما يلتفت إليه، وما يزيده عليه .
--------------------------------------------------------------------------------
هذا باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول، التوحيد الخالص في القلب -بل أصل التوحيد- لا يجامع الاستهزاء بالله -جل وعلا- وبرسوله وبالقرآن؛ لأن الاستهزاء معارضة والتوحيد موافقة.
ولهذا قال بعض أهل العلم: الكفار نوعان: معرضون كمن قال الله فيهم: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ ومعارضون وهم المجادلون، أو الذين يعارضون بأنواع المعارضات لأجل إطفاء نور الله، ومن ذلك الاستهزاء ونحوه.
فالتوحيد استسلام وانقياد وقبول وتعظيم، والهُزْء والاستهزاء بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول هذا معارضة؛ لأنه مناف للتعظيم؛ ولهذا صار كفرا أكبر بالله -جل وعلا-، لا يصدر الاستهزاء بالله أو برسوله -صلى الله عليه وسلم- أو بالقرآن من قلب موحد أصلا، بل لا بد أن يكون إما منافقا أو كافرا مشركا.
قال: "باب من هزل" الهزل خلاف الجد، وصفته: أن يتكلم بكلام فيه الهزل والاستهزاء والعيب، إما بالله، أو بالقرآن، أو بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقول الشيخ - رحمه الله - هنا: "باب من هزل بشيء" الباء هذه هل هي التي يذكر بعدها وسيلة الهزل، أو الباء التي يذكر بعدها ما هزل فيه؟
الظاهر هو الثاني، الأول "باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول" يعني ذكر الله هازلا، ذكر القرآن بشيء فيه هزل، ذكر الرسول بشيء فيه هزل، يعني هزَل وهو يذكر هذه الأشياء.
والثاني من هزل بشيء فيه ذكر الله، يعني كان المستهزأ به أو المهزول به هو ذكر الله أو القرآن أو الرسول، ومعلوم أن المعنى هو الثاني؛ لأن الشيخ يريد أن المستهزأ به هو الله أو الرسول أو القرآن اتباعا لنص الآية.
فمناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة، وهو أن الهزل والاستهزاء بالله أو بالرسول أو بالقرآن مناف لأصل التوحيد، وكفر مخرج من الملة، لكن بضابطه، وهو ما ذكرناه من أن الاستهزاء -وهو الاستنقاص واللعب والسخرية- يكون بالله -جل جلاله-، أو يكون بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، أو يكون بالقرآن، وهذا هو الذي جاء فيه النص قال -جل وعلا-: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ .
فمن استنقص الله -جل وعلا-، أو هزل بذكره لله -جل وعلا- يعني حينما ذكر الله -جل وعلا- استهزأ وهزل، ولم يظهر التعظيم في ذلك، فتَنقَّص الله -جل وعلا- كما يفعل بعض الفسقة، والذين يقولون الكلمة لا يلقون لها بالا تهوي ببعضهم في النار سبعين خريفا، أو هزل بالقرآن، أو استهزأ بالقرآن، أو بالسنة، يعني بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فإنه كافر الكفر الأكبر المخرج من الملة، هذا ضابط هذا الباب.
ويخرج عن ذلك ما لو استهزأ بالدين، فإن الاستهزاء بالدين فيه تفصيل، فإن المستهزئ أو الساب للدين أو اللاعن للدين أو المستهزئ بالدين قد يريد دين المستهزأ به، ولا يريد دين الإسلام أصلا، فلا يرجع استهزاؤه إلى واحد من الثلاثة.
فلهذا نقول: الكفر يكون أكبر فيمن استهزأ إذا كان بأحد الثلاثة التي ذكرنا ونصت عليها الآية، أو كان راجعا إلى أحد الثلاثة، أما إذا كان استهزاء بشيء خارج عن ذلك، فإنه يكون فيه تفصيل:
فإن هزل بالدين فينظر هل يريد دين الإسلام، أو يريد تدين فلان؟ مثلا يأتي واحد من المسلمين ويقول يستهزئ مثلا بهيئة أحد الناس، وهيئته يكون فيها التزام بالسنة، فهل هذا يكون مستهزئا الاستهزاء الذي يخرجه من الملة؟
الجواب: لا؛ لأن هذا الاستهزاء راجع إلى تدين هذا المرء، وليس راجعا إلى الدين أصلا، فيعرَّف بأن هذا سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فإذا علم أنه سنة، وأقر بذلك، وأن النبي فعله، ثم استهزأ -بمعنى استنقص- أو هزأ بالذي اتبع السنة، مع علمه بأنها سنة، وإقراره بصحة كونها سنة، فهذا رجع إلى الاستهزاء بالرسول.
كذلك الاستهزاء بكلمات قد يكون مرجعها إلى القرآن، وقد لا يكون مرجعها إلى القرآن، فيكون فيه تفصيل.
فإذن إذا سمعت الاستهزاء أو قرأته، فإذا كان راجعا إلى الاستهزاء بالله، أو بصفاته، أو بأسمائه، أو بالرسول -عليه الصلاة والسلام-، أو بالقرآن؛ فإن هذا كفر.
فإن كان الاستهزاء غير ذلك، فتنظر في التفصيل، إن كان راجعا إلى أحد الثلاثة فهو كفر أكبر، وإن كان غير ذلك فإنه يكون محرما ولا يكون كفرا أكبر.
قال: وقول الله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ .
هذه الآية نص في أن المستهزئ بالله، وبالرسول، وبآيات الله -جل وعلا-، والمقصود بها آيات الله -جل وعلا- الشرعية، يعني القرآن، أن هذا المستهزئ كافر، وأنه لا ينفعه اعتذاره بأنه كان في هزل ولعب، بل هو كافر؛ لأن تعظيم الله -جل وعلا- وتوحيده يوجب عليه ألا يستهزئ، إذن قوله: لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ هو دليل كفر المستهزئ.
وهذه الآية نزلت في المنافقين، وبعض أهل العلم قال: ليست في المنافقين. وهذا غلط، وليس بصواب، ذلك لأسباب ومنها:
أن هذه السورة -التي منها هذه الآية- هي في حال المنافقين، ولأن السياق -سباقه ولحاقه- يدل على أن الضمائر فيها ترجع إلى المنافقين.
قال -جل وعلا- قبل هذه الآية في سورة براءة:
يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ .
فهذه ظاهرة في أن سباقها في المنافقين، فالضمير في قوله: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ يعني من ذُكر قبل هذه الآية، وهم المنافقون؛ لقوله: يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ ثم قال بعدها: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ .
وكذلك ما بعدها من الآيات في المنافقين في قوله -جل وعلا-: الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ والأدلة على ذلك كثيرة، فالصواب في ذلك أن المراد بهؤلاء أنهم المنافقون.
وأما أهل التوحيد فإنه لا يصدر منهم استهزاء أصلا، ولو استهزأ لعلمنا أنه غير معظم لله، وأن توحيده ذهب أصلا؛ لأن الاستهزاء يطرد التعظيم، والدليل الذي ذكره في سبب النزول، وقصة النزول ظاهرة.
فالواجب على المسلمين جميعا -وعلى طلبة العلم خاصة- أن يحذروا من الكلام؛ لأن كثيرين يتكلمون بكلام لا يلقون له بالا، خاصة في مجالس بعض المنتسبين إلى الخير وطلبة العلم، ربما استهزءوا، أو ربما تكلموا بكلام فيه شيء من الهزل، وفيه شيء من الضحك، وكان في أثناء هذا الكلام فيه ذكر الله، أو فيه ذكر القرآن، أو فيه ذكر بعض العلم، وهذا مما لا يجوز.
وقد يدخل أحدهم في قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا نسأل الله -جل وعلا- السلامة والعافية.
فالواجب على العبد أن يعظم الله، وألا يتلفظ بلسانه إلا بكلام عقَله قبل أن يقوله؛ لأن اللسان هو مورد الهلكة، قال معاذ للنبي -عليه الصلاة والسلام-: أو إنا يا رسول الله مؤاخذون بما نقول؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على مناخرهم - أو قال: على وجوههم - إلا حصائد ألسنتهم؟ .
فالله الله في اللسان، في أنه أعظم الجوارح خطرا، مما يسهل أو يتساهل به أكثر الناس، فاحذر ما تقول، خاصة فيما يتعلق بالدين، أو بالعلم، أو بأولياء الله، أو بالعلماء، أو بصحابة النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو بالتابعين؛ فإن هذا مورده خطير، والله المستعان، قد عظمت الفتنة، والناجي من سلمه الله -جل وعلا-. نعم.
باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول، وقول الله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ .
وعن ابن عمر، ومحمد بن كعب، وزيد بن أسلم، وقتادة -دخل حديث بعضهم في بعض- أنه: قال رجل في غزوة تبوك: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا، ولا أكذب ألسنة، ولا أجبن عند اللقاء، يعني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه القراء.
فقال له عوف بن مالك: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذهب عوف إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليخبره، فوجد القرآن قد سبقه.
فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد ارتحل وركب ناقته، فقال يا رسول الله: إنما كنا نخوض ونتحدث حديث الركب نقطع به عناء الطريق.
قال ابن عمر: كأني أنظر إليه متعلقا بنسعة ناقة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإن الحجارة تنكب رجليه، وهو يقول: إنما كنا نخوض ونلعب. فيقول له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ما يلتفت إليه، وما يزيده عليه .
--------------------------------------------------------------------------------
هذا باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول، التوحيد الخالص في القلب -بل أصل التوحيد- لا يجامع الاستهزاء بالله -جل وعلا- وبرسوله وبالقرآن؛ لأن الاستهزاء معارضة والتوحيد موافقة.
ولهذا قال بعض أهل العلم: الكفار نوعان: معرضون كمن قال الله فيهم: بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ ومعارضون وهم المجادلون، أو الذين يعارضون بأنواع المعارضات لأجل إطفاء نور الله، ومن ذلك الاستهزاء ونحوه.
فالتوحيد استسلام وانقياد وقبول وتعظيم، والهُزْء والاستهزاء بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول هذا معارضة؛ لأنه مناف للتعظيم؛ ولهذا صار كفرا أكبر بالله -جل وعلا-، لا يصدر الاستهزاء بالله أو برسوله -صلى الله عليه وسلم- أو بالقرآن من قلب موحد أصلا، بل لا بد أن يكون إما منافقا أو كافرا مشركا.
قال: "باب من هزل" الهزل خلاف الجد، وصفته: أن يتكلم بكلام فيه الهزل والاستهزاء والعيب، إما بالله، أو بالقرآن، أو بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقول الشيخ - رحمه الله - هنا: "باب من هزل بشيء" الباء هذه هل هي التي يذكر بعدها وسيلة الهزل، أو الباء التي يذكر بعدها ما هزل فيه؟
الظاهر هو الثاني، الأول "باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول" يعني ذكر الله هازلا، ذكر القرآن بشيء فيه هزل، ذكر الرسول بشيء فيه هزل، يعني هزَل وهو يذكر هذه الأشياء.
والثاني من هزل بشيء فيه ذكر الله، يعني كان المستهزأ به أو المهزول به هو ذكر الله أو القرآن أو الرسول، ومعلوم أن المعنى هو الثاني؛ لأن الشيخ يريد أن المستهزأ به هو الله أو الرسول أو القرآن اتباعا لنص الآية.
فمناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة، وهو أن الهزل والاستهزاء بالله أو بالرسول أو بالقرآن مناف لأصل التوحيد، وكفر مخرج من الملة، لكن بضابطه، وهو ما ذكرناه من أن الاستهزاء -وهو الاستنقاص واللعب والسخرية- يكون بالله -جل جلاله-، أو يكون بالرسول -صلى الله عليه وسلم-، أو يكون بالقرآن، وهذا هو الذي جاء فيه النص قال -جل وعلا-: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ .
فمن استنقص الله -جل وعلا-، أو هزل بذكره لله -جل وعلا- يعني حينما ذكر الله -جل وعلا- استهزأ وهزل، ولم يظهر التعظيم في ذلك، فتَنقَّص الله -جل وعلا- كما يفعل بعض الفسقة، والذين يقولون الكلمة لا يلقون لها بالا تهوي ببعضهم في النار سبعين خريفا، أو هزل بالقرآن، أو استهزأ بالقرآن، أو بالسنة، يعني بالنبي -عليه الصلاة والسلام- فإنه كافر الكفر الأكبر المخرج من الملة، هذا ضابط هذا الباب.
ويخرج عن ذلك ما لو استهزأ بالدين، فإن الاستهزاء بالدين فيه تفصيل، فإن المستهزئ أو الساب للدين أو اللاعن للدين أو المستهزئ بالدين قد يريد دين المستهزأ به، ولا يريد دين الإسلام أصلا، فلا يرجع استهزاؤه إلى واحد من الثلاثة.
فلهذا نقول: الكفر يكون أكبر فيمن استهزأ إذا كان بأحد الثلاثة التي ذكرنا ونصت عليها الآية، أو كان راجعا إلى أحد الثلاثة، أما إذا كان استهزاء بشيء خارج عن ذلك، فإنه يكون فيه تفصيل:
فإن هزل بالدين فينظر هل يريد دين الإسلام، أو يريد تدين فلان؟ مثلا يأتي واحد من المسلمين ويقول يستهزئ مثلا بهيئة أحد الناس، وهيئته يكون فيها التزام بالسنة، فهل هذا يكون مستهزئا الاستهزاء الذي يخرجه من الملة؟
الجواب: لا؛ لأن هذا الاستهزاء راجع إلى تدين هذا المرء، وليس راجعا إلى الدين أصلا، فيعرَّف بأن هذا سنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فإذا علم أنه سنة، وأقر بذلك، وأن النبي فعله، ثم استهزأ -بمعنى استنقص- أو هزأ بالذي اتبع السنة، مع علمه بأنها سنة، وإقراره بصحة كونها سنة، فهذا رجع إلى الاستهزاء بالرسول.
كذلك الاستهزاء بكلمات قد يكون مرجعها إلى القرآن، وقد لا يكون مرجعها إلى القرآن، فيكون فيه تفصيل.
فإذن إذا سمعت الاستهزاء أو قرأته، فإذا كان راجعا إلى الاستهزاء بالله، أو بصفاته، أو بأسمائه، أو بالرسول -عليه الصلاة والسلام-، أو بالقرآن؛ فإن هذا كفر.
فإن كان الاستهزاء غير ذلك، فتنظر في التفصيل، إن كان راجعا إلى أحد الثلاثة فهو كفر أكبر، وإن كان غير ذلك فإنه يكون محرما ولا يكون كفرا أكبر.
قال: وقول الله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ .
هذه الآية نص في أن المستهزئ بالله، وبالرسول، وبآيات الله -جل وعلا-، والمقصود بها آيات الله -جل وعلا- الشرعية، يعني القرآن، أن هذا المستهزئ كافر، وأنه لا ينفعه اعتذاره بأنه كان في هزل ولعب، بل هو كافر؛ لأن تعظيم الله -جل وعلا- وتوحيده يوجب عليه ألا يستهزئ، إذن قوله: لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ هو دليل كفر المستهزئ.
وهذه الآية نزلت في المنافقين، وبعض أهل العلم قال: ليست في المنافقين. وهذا غلط، وليس بصواب، ذلك لأسباب ومنها:
أن هذه السورة -التي منها هذه الآية- هي في حال المنافقين، ولأن السياق -سباقه ولحاقه- يدل على أن الضمائر فيها ترجع إلى المنافقين.
قال -جل وعلا- قبل هذه الآية في سورة براءة:
يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ .
فهذه ظاهرة في أن سباقها في المنافقين، فالضمير في قوله: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ يعني من ذُكر قبل هذه الآية، وهم المنافقون؛ لقوله: يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ ثم قال بعدها: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ .
وكذلك ما بعدها من الآيات في المنافقين في قوله -جل وعلا-: الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ والأدلة على ذلك كثيرة، فالصواب في ذلك أن المراد بهؤلاء أنهم المنافقون.
وأما أهل التوحيد فإنه لا يصدر منهم استهزاء أصلا، ولو استهزأ لعلمنا أنه غير معظم لله، وأن توحيده ذهب أصلا؛ لأن الاستهزاء يطرد التعظيم، والدليل الذي ذكره في سبب النزول، وقصة النزول ظاهرة.
فالواجب على المسلمين جميعا -وعلى طلبة العلم خاصة- أن يحذروا من الكلام؛ لأن كثيرين يتكلمون بكلام لا يلقون له بالا، خاصة في مجالس بعض المنتسبين إلى الخير وطلبة العلم، ربما استهزءوا، أو ربما تكلموا بكلام فيه شيء من الهزل، وفيه شيء من الضحك، وكان في أثناء هذا الكلام فيه ذكر الله، أو فيه ذكر القرآن، أو فيه ذكر بعض العلم، وهذا مما لا يجوز.
وقد يدخل أحدهم في قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: وإن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا نسأل الله -جل وعلا- السلامة والعافية.
فالواجب على العبد أن يعظم الله، وألا يتلفظ بلسانه إلا بكلام عقَله قبل أن يقوله؛ لأن اللسان هو مورد الهلكة، قال معاذ للنبي -عليه الصلاة والسلام-: أو إنا يا رسول الله مؤاخذون بما نقول؟ قال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على مناخرهم - أو قال: على وجوههم - إلا حصائد ألسنتهم؟ .
فالله الله في اللسان، في أنه أعظم الجوارح خطرا، مما يسهل أو يتساهل به أكثر الناس، فاحذر ما تقول، خاصة فيما يتعلق بالدين، أو بالعلم، أو بأولياء الله، أو بالعلماء، أو بصحابة النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو بالتابعين؛ فإن هذا مورده خطير، والله المستعان، قد عظمت الفتنة، والناجي من سلمه الله -جل وعلا-. نعم
| |
|