أوردت المجلة الألمانية الشرقية في عددها الرابع ( 1961 ) مقالا للعالم " روادارت " مدير معهد الجراثيم بجامعة روستوك يقول :
قرأت عن السواك الذي يستعمله العرب كفرشاة للأسنان في كتاب لرحالة زار بلادهم وقد عرض للأمر بشكل ساخر اتخذه دليلا على تأخر هؤلاء القوم الذين ينظفون أفواههم بقطعة من الخشب في القرن العشرين ، وفكرت ! لماذا لا يكون وراء هذه القطعة حقيقة علمية ؟
وفورا بدأت أبحاثي فسحقتها وبللتها ووضعت المسحوق المبلل على مزارع الجراثيم فظهرت عليها آثار كتلك التي يقوم بها البنسلين . , أضف إلى ذلك ما قاله الدكتور "فريد ريك فيستر" انه لم يستعمل طوال السنوات السبع الماضية سوى عود الأراك .
ولعل هذا ما دعا الرسول – صلى الله عليه وسلم– أن يخبرنا فيما رواه أنس بن مالك- رضي الله عنه - فيقول -كما جاء فى فتح البارى- : أكثرت عليكم في السواك (21)
** التركيب الكيميائي لعود الأراك :-(22)
وأستطيع أن أخبرك بما يذهب الريب والشك عن ما توصل إليه العلماء بعد أن فحصوا التركيب الكيميائي لعود الأراك، فلعل إلقاء نظرة على التركيب الكيميائي لسواك الأراك يجعلنا ندرك أسباب الاختيار النبوي الكريم والذي هو في أصله وحي يوحى :
1 – فتؤكد الأبحاث المخبرية الحديثة أن المسواك المخضر من عود الأراك يحتوي على (العفص ) بنسبة كبيرة وهي مادة مضادة للعفونة مطهرة قابضة تعمل على قطع نزيف اللثة وتقويتها .
2 – كما تؤكد الأبحاث وجود مادة خردلية تسمى السنجرين "sinnigirin " ذات رائحة حادة وطعم حراق تساعد على الفتك بالجراثيم .
3 – وأكد الدكتور طارق الخوري وجود الكلورايد مع السليكا وهي مواد تزيد بياض الأسنان ووجود مادة صمغية تغطي الميناء وتحمي الأسنان من التسوس .(23)
4 – أيضا وجود " 3 ميثيل أمين " يعمل على التئام جروح اللثة ونموها السليم .فهي مادة مطهرة يمكنها تعديل الأس الأيدروجيني للتجويف الفمي على نحو يؤثر بصورة " غير مباشرة " في النمو الميكروبي , وعثر الباحثون أيضا على كميات أخرى من مضادات الأورام .(24)
5 - أيضا بعد التوغل في كيمياء عود الأراك وتقصي تركيباته وقيمته الطبية عرفوا أن به مقدارا حسنا من عنصر الفلورين وهو الذي يمنح الأسنان صلابة ومقاومة ضد التأثير الحامضي للتسويس ، والعمل الأكبر للفلورين يتجلى في مرحلة نمو وتكوين الأسنان حين يشق العنصر طريقه إليها بقوة حالا محل ذرات أخرى أقل تفاعلية كالبوتاسيوم والصوديوم في البنية التحتية لمينا الأسنان وتكون الروابط الذرية التى تشكلها المادة الجديدة أمتن من روابط العناصر الأقل تفاعلية . علاوة على أن تعرض المينا لعنصر الفلورين في هذه المرحلة يحولها من الصورة " هيدروكسي أباتيت " إلى صورة أخرى أمتن هي " فلورو أباتيت " .
6 – وغير عنصر الفلورين يوجد قدر من عنصر الكلور الذي يزيل الصبغات وأيضا مادة السيليكا فقد عرف دورها في المحافظة على بياض الأسنان .
7 – كذلك وجود مادة تعرف " بالسيليس " يوجد بنسبة 4% من عود الأراك بها خاصية تمكنها من حك طبقة البلاك وطرحها .
8 – لا ننسى مادة بيكربونات الصوديوم والتى أوصى مجمع معالجة الأسنان بجمعية أطباء الأسنان الأمريكية بإضافتها إلى معالجة الأسنان .(25)
9 – وبعود الأراك مادة تسمى " سيلفا يوريا " عرفت بقدرتها على صد عمليات النخر والتسويس وبالتالي على منع تكوين البؤر الصديدية السالف ذكرها .
10 – ويدل تحليل عود الأراك على وجود قدر من حامض الانيسيك الذي يساعد في طرد البلغم من الصدور ، إلى جانب كمية من حامض الاسكوربيك ومادة السيتوسيترول وكلا المادتين بإمكانهما تقوية الشعيرات الدموية المغذية للثة .
وقد ذكر الإمام ابن القيم فوائد جمه فى السواك مما يؤكد لنا مدى إعجاز السنة النبوية -على صاحبها أفضل الصلاة والسلام- فى السواك .(26)
صورة لعيدان السواك المعروضة للبيع
11 – ويوجد بعود الأراك 1% من مواد عطرية زيتية طيبة الرائحة تعطر الأفواه بأريجها .
12 – ووجد المحللون أيضا بعود الأراك مادة تدعى " الانثراليتون " ذات فائدة في تقوية الشهية للطعام كما تفيد في تنظيم حركة الأمعاء ،،،
بعد ذلك كله أريد أن أطرح سؤالا :-
إلى أى مدى نستطيع تصديق حديث النبي– صلى الله عليه وسلم–السواك مطهرة للفم مرضاة للرب (27)
** الفرق بين عود الأراك والمعجون :-
قد يتساءل البعض إذا استخلصنا هذه العناصر الموجودة في عود الأراك ووضعناها في معجون أسنان فهل يؤدي ذلك نفس ما أداه السواك ؟
يجيب على ذلك نخبة من أكبر علماء طب الأسنان في العالم عندما قاموا بإجراء بحوث وتجارب كلفت أموالا طائلة - ولا تزال - حينما حاولوا استخلاص تلك المواد ووضعوها في معجون أسنان يسمى " Qualimeswaks"أنتجته الشركة العالمية السويسرية " فارما بازل ليمتد " وطرح في الأسواق ولكن وجدوا أنه لا يقوم بنفس ما يقوم به عود الأراك فما السبب ؟
يرجع السبب إلى جانب ثراء عود الأراك من المكونات الكيميائية فهو يحتوي على عناصر أخرى لا تظهر إلا بعد التفاعل مع لعاب الفم وكانت المفاجأة حين عثروا في اللعاب على مركبات جديدة لم يسبق التعرف عليها في خلاصة الأراك المعملية . فمن أين جاءت هذه المركبات ؟
بعد تجارب تحليلية دقيقة توصلوا إلى أن المركبات هي في الأصل من مكونات الأراك الطبيعية ولكنها مقيدة بمركبات أخرى فلا يظهر تأثيرها إلا بفعل إنزيمات اللعاب حتى تصول وتجول بين جحافل البكتريا الفموية الضارة فيمكنها القضاء على 97% من أفراد الميكروبات في زمن محدود .
علاوة على الدور العكسي الذي تحدثه إنزيمات اللعاب صونا للمادة الفعالة الزائدة من الضياع فإذا زادت عن حاجة الفم وما أن تغيرت حموضة الفم بفعل نشاط الميكروبات حتى ينقلب الحال فتنشط إنزيمات اللعاب ويتحرر جزء من المادة الفعالة التي سرعان ما تبيد البكتريا الضارة بحكمة واقتدار.
أضف إلى ذلك القوة الحيوية الثلاثية التي يتميز بها عود الأراك قوى "ميكانيكية – كيميائية – حيوية " فقد أثبتت تجارب وأبحاث أن الأفواه وثنايا الضروس تعتبر محا مضن مثالية لنمو وتكاثر الميكروبات فعندما ابتكروا معاجين أسنان مزودة بمواد مطهرة ومانعة للعفونة وصنوفا من المضادات الحيوية قاتلة للميكروبات لم تلبث أن عارضها أطباء الأسنان بعد أن كشفوا عن مسئوليتها المباشرة للإخلال بالتوازن الطبيعي الدقيق ( أو بمعنى آخر هذه المواد لها آثار جانبية )
أما عود الأراك فيمكنه القيام بكل تلك الوظائف وغيرها دون الإخلال بالتوازن الطبيعي لجسم الإنسان بل بالعكس فهو يساعد الجسم على الوصول إلى أفضل درجات التوازن الطبيعي الممكنة .
أضف إلى ذلك حالات تسمم الأطفال الأمريكان الناتجة عن بلع مادة الفلورايد الموجودة في المعجون(28)
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب على(29).
** الدور التربوي للسواك ( علاج لترك التدخين ) :
تقول الأبحاث أن الميل الفيزيولوجي والعلاقة الميكانيكية بين اليد والفم هي أساس صناعة السجائر وهي عامل مشترك بين الداء والدواء ، ويشهد على ذلك منعكس المص عند الأطفال، فيحدث الإدمان في حالة انعدام البديل الأصلي الصحي (30)
ويذكر الفنان " دريد لحام " في شريط الفيديو الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية عام 2001 بمناسبة اليوم العالمي للتدخين خلاصة مهمة هي :
" أن إدمان التدخين هو إدمان لعادة ميكانيكية حركية – تحدث بين الفم واليد- بشكل أساسي "
** انتبه ! : ( تعقيب مهــم )(31)
تعالت الصيحات اليوم من كثير من العلماء بالقول أن الفرشاة والمعجون هما الأفضل ويحصل بهما الأجر لأن الأحكام تتغير بتغير الأزمان .
ويرد على ذلك علماء الغرب – غير المسلمين – قبل علماء المسلمين, إضافة إلى ما سبق ذكره في هذا البحث حيث يشهد على ذلك ما كتبه الأطباء المصريون والدمشقيون, وما كتبه رؤساء أقسام طب الأسنان بالجامعات المختلفة يؤيد ذلك.
والحكم باستعمال الفرشاة والمعجون بدلاً من السواك بحجة أن الأحكام تتغير بتغير الزمان من باب استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير فالفرشاة التي دخلت علينا في عهود التخلف الإسلامي والتقدم الغربي – في الصناعة – هي أقل بكثير من السواك, بالإضافة إلى تقارير قادمة من ( A.D.A) جمعية أطباء الأسنان الأمريكية تقول أن الفرشاة البلاستيكية لا تؤثر على الجراثيم بفاعلية بسبب عدم قدرتها على اختراق طبقة المخاط الفموية " “Mucinوالتي تحمي الجراثيم وإنما يقدر على ذلك القطعة الخشبية " السواك " بسبب خاصية الامتصاص التي تملكها .
وأيضا تفيد التقارير الصادرة من جمعية أطباء الأسنان الأمريكية أن الجراثيم تنمو على فرشاة البلاستيك بعد 14 يوم من استعمالها (32),
والــــــحـــــق مـــــا شهـــــدت بـــــه الأعـــــداء
خاتمــــــــــــه
بعد هذا التجوال في جانب من جوانب إعجاز السنة النبوية وبعد أن ثبت علميا بالأدلة والبراهين التي لا تدع مجالا للشك أن :
" السواك من وجهة نظر علمية بحته موضوع خرج من باب الشبهات والتساؤلات المطروحة حوله قديما ليتربع على عرش المواد الطبيعية الفعالة في صحة الجسم والفم في البلاد المتقدمة حاليا " . أقول :-
أن السواك كان من سنن الفطرة ، ثم أصبح أسلوب حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد ذلك وأسلوب حياة النبي هو الأفضل , فقد روى أن النبي- صلى الله عليه وسلم - داوم عليه حتى آخر عهده بالدنيا وهو فى سكرات الموت فكان آخر عهده به وروى أيضا انه– صلى الله عليه وسلم – أوصى الأمة بالسواك عند مماته(33)،، والمحافظة على السنة سبب رباني للتمكين في الأرض .
ولعل ما ذكره المؤرخون عن المسلمين في انتصارهم في معركة نهاوند وغيرها بسبب السواك خير شاهد على ذلك .
فيا من نشد ضالته فى غير الإسلام ,, ويا من يسعى إلى تقليد الغرب تقليدا أعمى معتقدا أنهم الأفضل , ويا من يهمل منهج النبي – صلى الله عليه وسلم – باحثا عن الرقي في غيره ،ويا من تعالت أصواتهم وصيحاتهم أن الإسلام هو دين الرجعية والتخلف ، يا من استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير ،
يا كل ضحايا الفهم الخاطئ للدين .
هذه سنة حبيبنا– صلى الله عليه وسلم – بين أيدينا نقلها لنا المعصوم– صلى الله عليه وسلم – وكان حريصا علينا , لَقَدْ جَاْءَكُمْ رَسُوْلٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيْزٌ عَلَيْهِ مَاْ عَنِتُّمْ حَرِيْصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِيْنَ رَءُوْفٌ رَحِيْمٌ (34)
ومن قبلها القرآن الذي هو دستور الأمة الذي من قال به صدق ومن حكم به عدل , من تركه جبار قصمه الله , ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله , فلماذا نعرض عن منهجنا ودستورنا الذى ارتضاه الحكيم الخبير لنا ونتطفل على فتات موائد وقوانين بشر مثلنا لا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا ؟
الإسلام هو دستور الأمة وهو المنهج المثالي لأي زمان ومكان فالشريعة الإسلامية ليست صالحة لأي زمان ومكان فحسب بل هي تصلح أي زمان ومكان ، وصدق الله العظيم إذ يقول سَنُرِيْهِمْ آيَاْتِنَاْ فِيْ الْآفَاْقِ وَفِيْ أَنفُسِهِمْ حَتَّىْ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ (35)
هذا ما استطعت جمعه انتصارا لسنة النبي – صلى الله عليه وسلم – فإن كان صوابا فهذا ما أرجوه , وإن كان غير ذلك فحسبي أني اجتهدت .
وأخيرا أسأل الله أن يعلمنا ما جهلنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يهدينا إلى سواء السبيل إنه نعم المولى ونعم النصير وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين