ال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تتركوها ولو طلبتكم الخيل».–وبيان أفضل النوافل عن
.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تتركوها ولو طلبتكم الخيل».–وبيان أفضل النوافل عند الله
: الحرص على النوافل بعد أداء الفرائض؛ لأن من اجتهد بالتقرب إلى الله بالفرائض ثم بالنوافل قربه الله ورقّاه إلى درجة الإحسان، وفيها يقول الله: «ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه» [رواه البخاري]. والنوافل قسمان:
1- ما رغّب فيه الشرع وأكده كالوتر والسنن الرواتب وقيام الليل.
2- والقسم الآخر نوافل مطلقة كالاستكثار من الصلوات عند فراغه، وأفضل النوافل أربعة:
1- قال بعضهم: الوتر لمحافظته صلى الله عليه وسلم عليه سفرًا وحضرًا، ففي الحديث: «إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن» [رواه الترمذي].
وعليه لا ينبغي تركه، قال الإمام أحمد: «من ترك الوتر فهو رجل سوء، ولا ينبغي أن تقبل شهادته»؛ لأن الوتر أقله ركعة، فلا تكلف أحدًا جهدًا أو وقتًا كثيرًا، فالذي يتركها رجل سوء، وأدنى الكمال ثلاثٌ، وورد: خمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة ركعة، وهو سنة مؤكدة.
2- وقيل: ركعتا الفجر: ففي الحديث: «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها» [رواه مسلم]، وقد تاب رجل بعد سماع هذا الحديث، قال: فتفكرت في بنوك الدنيا وأموالها، فعلمت أن الدنيا وما عليها لا تزن عند الله جناح بعوضة، فضلاً على أن يؤثرها على ما عند الله، وهاتان الركعتان لم يدعهما صلى الله عليه وسلم حضرًا ولا سفرًا، فمن فاتته قبل الصلاة فليصلهما بعدها، أو بعد طلوع الشمس، كله جائز؛ ويكفينا حث النبي صلى الله عليه وسلم «لا تتركوها ولو طلبتكم الخيل».
3- السنن الرواتب: فهي من نعم الله أن شرع نوافل يكمل بها الفرائض، وهي اثنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر، يسلم بين كل ركعتين، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، ففي الحديث: «ما من عبد مسلم يصلي كل يوم اثنتي عشرة ركعة تطوعًا غير الفريضة، إلا بنى الله له بيتًا في الجنة» [رواه مسلم].
4- وقيل: أربعًا قبل الظهر: لأنه ورد أنها سبب في تحريم العبد على النار، ففي الحديث: «مَن حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار» [رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح]؛ ولأنها ساعة تفتح فيها أبواب الجنة، ففي الحديث: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي أربعًا بعد أن تزول الشمس قبل الظهر، وقال: أنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح» [رواه الترمذي وقال: حديث حسن].
ومَن فاتته الأربع التي قبل الظهر فليصلها بعد الظهر؛ لأن الراتبة تقضي وصفة القضاء كما في سنن ابن ماجة: «أنه يبدأ أولاً بالسنة البعدية ثم بالسنة القبلية»، قال العلماء: قضاء السنة جائز، فقد قضاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خروج الوقت كما في صلاة الفجر لما نام حتى طلعت الشمس وهو مسافر.
والراجح في هذه المسألة – والعلم عند الله – أن أفضل النوافل عند الله صلاة الليل وأفضلها الوتر، أما الخاصة بالرواتب، وأفضل السنن الرواتب سنة الفجر، وعليه فتقدم صلاة الليل بالتفضيل المطلق لمكان الإخلاص، ولأنها صلاة خفية وفي وقت الغفلة، وحالات الغفلة في الطاعات أفضل من الانتباه، وكان السلف إذا سافر الرجل يسابق على فراشه، فإذا ناموا قام فصلى وهي ساعة اللذة والراحة، ففي الحديث: «رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته» [رواه أبو داود بإسناد صحيح]، أي أن الله سيرحمه، والعكس كذلك إذا قامت المرأة فأيقظت زوجها؛ لأنهم يؤثرون ما عند الله على الراحة وهوى النفس.
وفُضّل قيام الليل؛ لأنه من أعظم الطاعات التي يراد بها وجه الله، لكن قد يدخلها الرياء، من هنا قال العلماء لما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث ليالٍ وامتنع في الليلة الثالثة، وقال: «صلوا في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة»؛ فرد الناس للبيوت فجعل أعظم شي في الطاعة من الخير ما جعله في الخفاء، ولذلك ينبغي للمسلم الحرص على صلاة النافلة في البيت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين أنه سيجعل الله خير صلاته في بيته.
وقال بعض العلماء: أن محافظة العبد على نوافله في بيته لها سر عجيبٌ في حصول الخير والسكينة والبركة، وقلة المشاكل، وذهاب شر الشيطان، وذهب جمهور العلماء أن صلاة السنن الرواتب في البيت أفضل سواء القبلية أو البعدية، وهذا على سبيل الندب والاستحباب، لا على سبيل الحتم والإيجاب