قال رجل: يا رسول الله, ان لي جارا يؤذيني.
فقال: انطلق وأخرج متاعك الى الطريق.
فانطلق وأخرج متاعه فاجتمع الناس عليه, فقالوا ما شأنك؟
قال: لي جار يؤذيني, فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلّم فقال:" انطلق وأخرج متاعك الى الطريق".
فجعلوا يقولون: اللهم العنه, اللهم اخزه.
فبلغه فأتاه, فقال: ارجع الى منزلك فوالله لا أؤذيك.
قال: لا
قال: أفتعفوا؟
قال: لا.
قال: اذهب فاقتله!
فلما جاوزه الرجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: ان قتله فهو مثله.
فلحق الرجل رجلا فقال له: ان رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال كذا, فتركه وهو يجر نسعه في عنقه.
قال ابن قتيبة: لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه مثله في المأثم واستيجاب النار ان قتله. وكيف يريد هذه وقد أباح الله عز زجلّ قتله بالقصاص, ولكن كره رسول الله أن يقتص وأحب له العفو, فعرّض تعريضا أوهمه به أنه ان هو قتله كان مثله في الاثم ليعفو عنه, وكان مراده أن يقتل نفسا كما قتل الأوّل نفسا, فهذا قاتل وهذ قاتل, فقد استويا في قاتل وقاتل, الا أ، الأوّل ظالم والآخر مقتصّ.
وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلّم من هذا كثير خصوصا في المعاريض, فمن ذلك روي عن سعيد بن المسيّب أ، عائشة رضي الله عنها سئلت:
هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يمزح؟
قالت نعم. كان عندي عجوز, فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقالت:" ادع الله أن يجعلني من أهل الجنّة".
فقال:" ان الجنّة لا تدخلها العجائز."
وسمع النداء, فخرج ودخل وهي تبكي, فقال: ما لها؟
قالوا: انك حدّثتها أن الجنة لا يدخلها العجائز.
قال:" ان الله يحوّلهن أبكارا عربا أترابا".
فسمّته له, فقال:" الذي في عينيه بياض"؟
فرجعت فجعلت تنظر الى زوجها, فقال: ما لك؟
قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:" زوجك فلان"؟
قلت: نعم. قال:" الذي في عينيه بياض"؟
قال: أوليس البياض في عيني أكثر من السواد؟
قال: يا رسول الله, وما أصنع بولد ناقة؟
قال:" وهل تلد الابل الا النوق؟".