هي عادة جاهلية قديمة ملخصها أن المشرك إذا أراد السفر بكّر إلى أوكار الطير فهيَّجها، فإن ذهبت عن يمينه تيامن واستبشر ومضى في سفره، وإن ذهبت عن شماله تشائم، ورده ذلك عن إمضاء أمره، ثم أُطلِق اللفظ على كل أمر يتوهم أنه سبب في لحاق الشر والضر فأصبح مرادفاً للتشاؤم، كالتشاؤم برؤية الأعمى، أو النعل المقلوب، وكالتشاؤم بسماع رقم سبعة، أو بيوم الأربعاء، أو الجمعة، وغير ذلك من الخرافات التي لا تليق بالمسلم .
وعادة التطير عادة موغلة في القدم، استخدمها أعداء الرسل في رد دعوة الحق والهدى بدعوى أنها سبب لحلول المصائب والبلايا، فقد تشاءم قوم صالح بنبيهم – عليه السلام – حيث قالوا له: {اطَّيرنا بك وبمن معك }(النمل:47) . أي تشاءمنا بك وبمن اتبعك .
وتطيّر فرعونُ وقومه بموسى – عليه السلام – ومن معه، قال تعالى: { فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه }(الأعراف: 131 ).
وتطير أصحاب القرية برسل الله عز وجل حيث قالوا لهم: { قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم }(يس:18).
وكان الرد عليهم جميعاً: أن ما حلَّ بكم من شر وبلاء إنما هو بسبب كفركم وعنادكم واستكباركم، ولا يخرج عن قضاء الله وحكمته وعدله، قال تعالى: { ألا إنما طائرهم عند الله }(الأعراف: 131).
وقد بُعث – صلى الله عليه وسلم - والناس على هذه العادة، بل ربما أسلم بعضهم وبقيت هذه العادة ضمن رواسب ومخلفات الجاهلية التي علقت بالنفوس، فوقف منها – صلى الله عليه وسلم – موقفاً حاسماً، ونفى وجود أي تأثير لحركة الطير في فعل الإنسان سلباً أو إيجاباً، فقال – عليه الصلاة والسلام - : ( لا طيرة ) متفق عليه . أي: لا حقيقة لما يعتقده المشركون من أن لحركة الطير تأثيراً، فكل ذلك من خرافات الجاهلية وأوهامها .
وبيّن أن التطير نوع من الشرك، فقال – عليه الصلاة والسلام - : ( الطيرة شرك، الطيرة شرك، الطيرة شرك ) رواه أبو داود وفي رواية لأحمد : ( من ردته الطيرة عن حاجة فقد أشرك ) .
وبيّن أن التطير ليس من أخلاق أهل الإسلام، فقال – صلى الله عليه وسلم - : ( ليس منا من تطير، أو تُطيِّر له ) رواه البزار والطبراني .
علاج التطير
وعلاج التطير يكمن في حسن التوكل على الله سبحانه، والإيمان بقضائه وقدره، وصلاة الاستخارة قبل الشروع في الأمر، والاستعاذة بالله تعالى إذا عرض للعبد شعور بالتطير، وألا يلتفت إليه، وإذا وقع في نفسه شيء من ذلك رده بالدعاء النبوي : ( اللهم لا خير إلا خيرك، ولا طير إلا طيرك، ولا إله غيرك ) رواه أحمد .
التفاؤل
وفي مقابل هذه العادة السيئة تأتي عادة حسنة دعا إليها الإسلام، وهي التفاؤل، فقد كان – صلى الله عليه وسلم – ( يعجبه الفأل ) رواه أحمد . ( إذا خرج من بيته يحب أن يسمع: يا راشد يا نجيح ) رواه الترمذي وصححه .
والفرق بين الطيرة والتفاؤل أن التفاؤل يبعث في النفس الرجاء في عطاء الله وتيسيره، فيقوى عزمه، ويتجدد أمله في نجاح مقصوده، ويحمله التفاؤل على صدق الاستعانة بالله، وحسن التوكل عليه، فلا يعدو سماع الكلمة الطيبة أن يكون محركاً وباعثاً للأمل، أما التشاؤم أو التطير فعلى خلاف ذلك إذ يجعل المرء متردداً، ضعيفاً في توكله وإيمانه، جاعلاً من قلبه مجالاً خصباً للوسواس والأوهام
الرقى الجاهلية
وهي من عادات المشركين التي تتعلق بطرق العلاج والاستشفاء من الأمراض، حيث يعمد المشرك إلى الجن وعزائم السحر والشعوذة طلباً للشفاء من أمراضه وآلامه، فجاء الإسلام وأبطل تلك الرقى والاعتقادات الجاهلية وردَّ الأمور إلى أسبابها الشرعية والحسية، وأوضح بطلان هذه الطرق التي هي أقرب إلى الشعوذة منها إلى طرق العلاج، فقال – عليه الصلاة والسلام - : ( اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن شركاً ) رواه مسلم ، فبيّن – صلى الله عليه وسلم – أن أي سبيل للتطبب والعلاج يجب أن يكون خالياً من أيّ معنىً شركي .
ولم يكتف الشارع الحكيم بتحريم جانب الشرك والخرافة في الرقى، وإنما أبدل المسلمين خيراً منها من الرقى الشرعية النافعة، بالأدعية والأذكار المأثورة، فكان – صلى الله عليه وسلم – إذا أتى مريضاً أو أُتي به إليه، قال: ( اللهم رب الناس اذهب الباس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر إلا سقماً ) متفق عليه، وفي حديث آخر عن عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه – أنه شكا إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وجعاً يجده في جسده منذ أسلم، فقال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : ( ضع يدك على الذي تألم من جسدك، وقل: بسم الله ثلاثاً، وقل سبع مرات: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ) رواه مسلم .
شروط الرقية الشرعية
وبين العلماء الشروط الواجب توفرها في الرقية الشرعية، وهي: أن تكون بكلام الله أو بأسمائه وصفاته، وأن تكون باللسان العربي أو بما يعرف معناه، وأن يعتقد الراقي والمرقي أن الرقية لا تؤثر بذاتها، بل بتقدير الله تعالى .
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" : " أجمع العلماء على جواز الرقى عند اجتماع ثلاثة شروط: أن يكون بكلام الله، أو بأسمائه وصفاته، وباللسان العربي، أو بما يعرف معناه من غيره، وأن يعتقد أن الرقية لا تؤثر بذاتها بل بذات الله تعالى "
[b]التمائم
التمائم جمع تميمة، وهي خرز أو قلائد تعلق في الرقبة، كان العرب يعتقدون تأثيرها في دفع العين والآفات،
[b]العدوى والهامة والصفر
والعدوى: هي انتقال المرض من شخص لآخر، حيث كان من اعتقاد العرب الجاهليين أن المرض ينتقل من شخص لآخر بطبعه لا بفعل الله تعالى وتقديره، فنفى النبي – صلى الله عليه وسلم – هذا الاعتقاد بقوله: ( لا عدوى ) وذلك؛ صيانة لجانب التوحيد، وتأكيداً على أن الأمور كلها تجري بأمر الله وقدره .
والهامة اُختُلفَ في تفسيرها، فقيل: كانت العرب تقول: إذا قُتل الرجل ولم يُؤخذ بثأره، خرجت من رأسه دودة، فتدور حول قبره، تقول: اسقوني، اسقوني، فإن أُدرِك بثأره ذهبت، وإلا بقيت. وقيل: كانوا يتشاءمون بالبومة إذا وقعت على بيت أحدهم، يقول: نعت إلي نفسي، أو أحداً من أهل داري . فنفى النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك كله بقوله: ( لا هامة ).[/b][/b]