سوره الملك قيل عنها انهاقال اللهَ تعالى في القرءانِ الكريم:
{النّارُ يُعرضونَ عليها غدُوًّا وعشِيًّا ويومَ تقومُ الساعةُ أدخِلُوا ءالَ فرعونَ أشدَّ العذاب}.
إخوةَ الإيمان، إنَّ عذاب القبرِ ثابتٌ بنصِّ القرءانِ والحديثِ، وأما هذهِ الآيةُ فقد وردت في عذاب القبر للكفارِ، وأما عصاة المسلمينَ فهم صنفان صنف يعفيهِمُ اللهُ من عذاب القبر وصنفٌ يعذبهم ثم ينقطعُ عنهم ويؤخر لهم بقيةَ عذابِهم إلى الآخرة.
ومما يكونُ سببًا للنجاةِ من عذاب القبرِ قِرَاءَةُ سورَة الملك
فقد ورد بالإسنادِ المتَّصلِ في صحيحِ الإمامِ ابنِ حبان من حديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ:
"إنَّ في القرءانِ ثلاثينَ ءايةً تستغفِرُ لصاحبِها حتى يُغفرَ له تبارك الذي بيدِه الملك"
وفي أمالِيِّ الحافظِ العسقلانيِّ بإسنادٍ صحيحٍ من حديثِ ابنِ عباسٍ رضي اللهُ عنهُما عن النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلم أنه قالَ:
"وددتُ أنها في جوفِ كلِّ إنسانٍ من أمَّتِي"
أي تبارك الذي بيدِه الملك.
فمن حافظَ على قراءتِها كلَّ يومٍ كان داخِلا في هذا الحديث.
ووردَ عن ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهُما أيضا أنهُ
أي صاحبُ هذه السورة لا يُعذَّبُ في قبرِه لأنها تجادِلُ عن صاحبِها يومَ القيامة فتُنجيهِ من النارِ، أي أنها تمنعُهُ من دخولِ النار.
فينبغِي حفظُها وتلاوتُها مع تصحيحِ اللفظ.
فمن سمِعَ بهذا الفضلِ العظيمِ ولم يهتمَّ لحفظِها وتلاوتِها على الوجهِ الصحيحِ الذي أُنزِلت عليهِ فإنهُ مُتهاوِنٌ بالخيرِ العظيم وذلك دليلٌ على ضَعفِ هِمَّتِهِ لآخرتِه
فإنَّ من نجا في القبرِ من العذاب نجا فيما بعد ذلك فقد جاء عن عثمانَ بنِ عفان رضي الله عنه أنه قالَ شعرًا:
فإن تنجُ منها تنجُ من ذي عظيمةٍ
وإلا فإنِّي لا إِخالُكَ ناجِيا
ومعنى إخالُكَ أظُنُّكَ،
فلذلكَ كان عثمانُ رضي الله عنه إذا أتى القبورَ بكى حتى يبُلَّ لحيتَه بالدموعِ فقيلَ له في ذلك، فقالَ هذا البيتَ وذكر أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ:
"القبرُ أولُ منزلةٍ من منازلِ الآخرةِ فمن نجا منهُ كان أنجى مما بعدَه ومن لم ينجُ منهُ كان ما بعدَهُ أشدَّ عليه".
فمن نجا في قبرِهِ من النكدِ والعذابِ كان ناجِيا في الآخرةِ من العذاب.
فالعاقلُ الذي بلغَه هذا الحديثُ لا يتهاونُ بهذا الفضلِ العظيم.