النار هي دار العذاب الأبدي التي خلقها الله تعالى ليجازي بها الكافرين إلى الأبد ومن شاء من العصاة إلى ما شاء. ولعظم هولها تعددت أسماؤها فهي: جهنم والهاوية والسعير وسقر.
قد تناهى في الشدة حرها، ووسع المعذبين وفضل بعد ذلك حجمها، قعرها بعيد، وسوادها شديد، وأبوابها مؤصدة، وهي بحرّها عليهم مطبقة.
يقاسي أهلها صنوفاً شتى من العذاب: فتارة في النار يصهرون، وتارة على وجوههم يسحبون، وأخرى بالحميم يلفحون، قد اسودت وجوههم، وغُلّت بالسلاسل والأنكال أيديهم، قُطّعت لهم ثياب من نار، وسرابيل من قطران، طعامهم الزقوم، وشرابهم الحميم الآن، وهم في دركات النار يتقلبون معذبين بما لا تحيط به العقول.
ومن رحمة الله تعالى بعباده ولطفه بهم أن جعل لعباده سبلاً كثيرة متنوعة للنجاة من النار، ولا يهلك بعدها إلا هالك.
* * *
التعريف بالنار وبعض أسمائها:
- النـار لغـة:قال ابن فارس: "النون والواو والراء أصل صحيح يدلّ على إضاءة واضطراب وقلة ثبات"[1].
وقال ابن الأعرابي: "النار: السِّمة، وجمعها: نيار... وجمع النار المحرقة: نيران"[2].
- النار شرعـاً:
هي الدار الأبدية الخالدة التي أعدّها الله للكافرين به، المتمرّدين على شرعه، المكذبين لرسله، العصاة لأمره، وهي عذابه الذي يعذّب فيه أعداءه، وسجنه الذي يسجن فيه المجرمين[3].
وللنار أسماء كثيرة منها:
- جهنم:قال الله تعالى: جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ [ص:56].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخل رمضان فتّحت أبواب الجنة، وغُلّقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين))[4].
- لظـى:قال الله تعالى: كَلاَّ إِنَّهَا لَظَىٰ (15) نَزَّاعَةً لّلشَّوَىٰ [المعارج:15، 16].
قال الطبري: "لظى: اسم من أسماء جهنم، ولذلك لم يُجرّ"[5].
- الحُطَمَة:قال الله تعالى: وَمَا أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ (5) نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ [الهمزة:5، 6].
قال القرطبي: "الحُطَمة: وهي نار الله، سميت بذلك لأنّها تكسر كلّ ما يلقى فيها، وتحطمه وتهشّمه"[6].
- سـقر:قال الله تعالى: سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لاَ تُبْقِى وَلاَ تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لّلْبَشَرِ [المدثر:26-29].
قال الطبري: "يعني تعالى ذكره بقوله: سَأُصْلِيهِ سَقَرَ سأورده باباً من أبواب جهنم اسمه سقر، ولم يجرّ سقر، لأنه اسمٌ من أسماء جهنم"[7].
- الجحيـم:قال الله تعالى: وَإِذَا ٱلْجَحِيمُ سُعّرَتْ [التكوير:12].
وقال: خُذُوهُ فَٱعْتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَاء ٱلْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ [الدخان:47، 48].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتاكم رمضان شهرٌ مبارك، فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغلّ فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خيرٌ من ألف شهر، من حُرم خيرها فقد حُرم))[8].
قال ابن حجر: "قوله: ٱلْجَحِيمِ هو من أسماء النار، وأصله ما اشتدّ لهبُه"[9].
--------------------------------------------------------------------------------