كثير منا من يقرأ القرآن ويداوم على الصلاة ويحافظ على السنن ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وقد يصوم بعضنا الأيام المستحب صيامها وكل هذه أعمال عظيمة ولله الحمد. رغم هذا فإنه يتبادر إلى ذهني سؤال
يحيرني ويزعجني وهو: لماذا لا أبكي من خشية الله؟ كان السلف الصالح رضوان الله عليهم يبكون عند أدنى شيء يذكرهم بالله - جل وعلا -. فهذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما قرأ في صلاة الفجر قوله - تعالى -: (فَإذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) شهق شهقة قوية فسقط فجلس يعاد في بيته وهو على فراشه أسبوعاً كاملاً. وهذه قصة عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه- عندما جاء بيته وجلس على فراشه وهو يبكي، فجاءت زوجه فاطمة فبكت لبكائه، وبكى الخدم لبكائهما، وعندما سكت قالت له: بأبي وأمي ما يبكيك، قال: تذكرت موقفي يوم العرض. وغيرها كثيرة معلومة. وقد يكون السبب في ذلك والله أعلم: 1- عدم حضور القلب حضوراً تاماً في الصلاة، والتلذذ فيها هي أو غيرها من العبادات، والغفلة عن تلاوة القرآن وتدبره. يقول ابن القيم - رحمه الله -: إذا أردت الانتفاع بالقرآن فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وألق سمعك، واحضر حضور من يخاطبه به من تكلم به - سبحانه - منه إليه، فإنه خطاب منه لك على لسان رسوله. قال - تعالى -: (إنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وهُوَ شَهِيدٌ) [ق: 37]. 2- ما يعتري القلب من أمراض معنوية كالحسد وجب الرئاسة وإظهار النفس وحب المال والكبر وغيرها. 3- الاهتمام بجانب واحد وإهمال الجانب أو الجوانب الأخرى، كمن يهتم بتلاوة القرآن ولا يترك فضول الكلام، فهنا لن تحصل تمام الخشية والإنابة على الوجه المطلوب. 4- العكوف والإصرار على المعصية مما يجعل القلب يقسو وينكت فيه نكتة سوداء. والركون إلى شيء من حطام الدنيا الزائل