الحمد لله غافر الذنب، و قابل التوب، شديد العقاب،
الفاتح للمستغفرين الأبواب، والميسر للتائبين الأسباب،
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: كلنا مذنبون... كلنا مخطئون.. نقبل على الله تارة وندبر أخرى،
نراقب الله مرة، وتسيطر علينا الغفلة أخرى،
لا نخلو من المعصية، ولا بد أن يقع منا الخطأ،
فلست أنا و أنت بمعصومين
{ كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون } [رواه الترمذي وحسنه الألباني].
والسهو والتقصير من طبع الإنسان، ومن رحمة الله بهذا الإنسان
الضعيف أن يفتح له باب التوبة، وأمره بالإنابة إليه،
وأقول لك: إن الله تعالى إذا أراد بعبده خيراً
يسر له الأسباب التي تأخذ بيده إليه وتعينه عليه،
وها أنا أذكر لك بعض الأمور التي تعينك على التوبة وتساعدك عليها:
1- أصدق النية وأخلص التوبة: فإن العبد إذا أخلص لربه
وصدق في طلب التوبة أعانه الله وأمده بالقوة، وصرف عنه الآفات
التي تعترض طريقه وتصده عن التوبة..
ومن لم يكن مخلصاً لله استولت على قلبه الشياطين،
وصار فيه من السوء والفحشاء ما لا يعلمه إلا الله،
ولهذا قال تعالى عن يوسف عليه السلام:
(كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين )[يوسف:24].
2- حاسب نفسك: فإن محاسبة النفس تدفع إلى المبادرة إلى الخير،
وتعين على البعد عن الشر، وتساعد على تدارك ما فات،
وهي منزلة تجعل العبد يميز بين ما له وما عليه،
3- ذكّر نفسك وعظها وعاتبها وخوّفها: قل لها:
يا نفس توبي قبل أن تموتي ؛ فإن الموت يأتي بغتة،
وذكّرها بموت فلان وفلان.. أما تعلمين أن الموت موعدك؟!
والقبر بيتك؟ والتراب فراشك؟ والدود أنيسك؟...
أما تخافين أن يأتيك ملك الموت وأنت على المعصية قائمة؟
هل ينفعك ساعتها الندم؟ وهل يُقبل منك البكاء والحزن؟
ويحك يا نفس تعرضين عن الآخرة وهي مقبلة عليك،
- اعزل نفسك عن مواطن المعصية:
فترك المكان الذي كنت تعصي الله فيه مما يعينك على التوبة،
فإن الرجل الذي قتل تسعة وتسعون نفساً قال له العالم:
{ إن قومك قوم سوء، وإن في أرض الله كذا وكذا قوماً يعبدون الله،
فاذهب فاعبد الله معهم }.
5- ابتعد عن رفقة السوء:
واعلم أنهم لن يتركوك وخصوصاً أن من ورائهم الشياطين تؤزهم
الى المعاصي أزاً، وتدفعهم دفعاً، وتسوقهم سوقاً..
- تدبّر عواقب الذنوب: فإن العبد إذا علم أن المعاصي
قبيحة العواقب سيئة المنتهى، وأن الجزاء بالمرصاد دعاه ذلك
إلى ترك الذنوب بداية، والتوبة إلى الله إن كان اقترف شيئاً منها.
7- أَرِها الجنة والنار: ذكّرها بعظمة الجنة، وما أعد الله
فيها لمن أطاعه واتقاه، وخوّفها بالنار
وما أعد الله فيها لمن عصاه.
وهناك أسباب أخرى تعينك أخي الحبيب على التوبة
غير ما ذُكر منها: الدعاء الى الله أن يرزقك توبة نصوحاً،
وذكر الله واستغفاره، وقصر الأمل وتذكر الآخرة،
وتدبر القرآن، والصبر خاصة في البداية،
إلى غير ذلك من الأمور التي تعينك على التوبة. علامات قبول التوبة
أن يكون العبد بعد التوبة خيراً مما كان قبلها:
ألا يزال الخوف من العودة إلى الذنب مصاحباً له:
أن يحذر من أمر جوارحه:
فليحذر من أمر لسانه فيحفظه من الكذب والغيبة والنميمة
فِر الى الله بالتوبة، فر من الهوى... فر من المعاصي...
فر من الذنوب... فر من الشهوات... فر من الدنيا كلها...
وأقبل على الله تائباً راجعاً منيباً...
اطرق بابه بالتوبة مهما كثرت ذنوبك، أو تعاظمت،
فالله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار،
ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل،
أسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم من التائبين حقاً، المنيبين صدقاً، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والسلام عليكم