بسم الله الرحمن الرحيم والصلاه والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين
الوسائل النبوية في كسب قلوب البرية
الوسيلة الأولى: خدمة الناس وقضاء حوائجهم
جبلت النفوس على حب من أحسن إليها ، والميل إلى من يسعى في قضاء حاجاتها ؛ ولذلك قيل:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ... فطالما استعبد الإنسان إحسان
وأولى الناس بالكسب هم أهلكي وأقرباؤكي ؛ ولذلك قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): « خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي » . وعندما سئلت عائشة - رضي الله عنها- ما كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم): يفعل قالت « كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة يتوضأ ويخرج إلى الصلاة » .ومنا من لا يبالي بكسب قلوب أقرب الناس إليه كالوالدين والزوج والاقرباء فتجد قلوبهم مثخنة بالكره أو بالضغينة عليها لتقصيرها في حقهم، وانشغالها عن أداء واجباتها تجاههم. ومن أصناف الناس الذين نحتاج لكسبهم ولهم الأفضلية على غيرهم الجيران لقوله (صلى الله عليه وسلم ) « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره » . وأي إكرام أكبر من دعوتهم إلى الهدى والتقى ؛ بل قال عليه أفضل الصلاة والسلام-: « لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه أو قال لجاره ما يحب لنفسه » . ولذلك ينبغي أن نتحبب إلى الجار فنبدأه بالسلام ونعوده في المرض ، ونعزيه في المصيبة ، ونهنئه في الفرح ونصفح عن زلته ، ولا نتطلع إلى عورته، ونستر ما انكشف منها ، ونهتم بالإهداء إليه وزيارته ، وصنع المعروف معه، وعدم إيذائه.. وقد نفى الرسول (صلى الله عليه وسلم) الإيمان الكامل عن الذي يؤذي جاره فقال: « والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، قال قائل من هو يا رسول الله ؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه » .
والبوائق هي الشرور والأذىومن أصناف الناس الذين ينبغي أن نكسبهم إلى صف الدعوة- أختي الحبيبه- ممن تقابلينهن في العمل ممن هم بحاجة إليكي.. فإذا كنتي طبيبًه فالمرضى ، وإذا كنت مدرسًه فالطالبات . فلا بد من كسب قلوبهم من خلال تقديمكي لأقصى ما تستطيعي من جهد في خدمتهم وإنجاز معاملاتهم وعدم تأخيرها.. وإنما خصصت هذه الأصناف الثلاثة من الناس بالذكر وهم الأهل أو الأقرباء والجيران ومن نلقاهم في وظائفنا لسببين هما: كثرة اللقاء بهم، والثاني كثرة التقصير أو الإهمال لحقوقهم مما له الأثر السلبي في تقبلهم لما ندعوهم إليه؛ إذن فالمسلمه فضلا عن الداعية ينبغي لها ان تضحي وهذه بعض من تضحيات خديجة رضي الله عنه حيث وصفت الرسول( صلى الله عليه وسلم) فقالت : « إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق الوسيلة الثانية: الحلم وكظم الغيظ
يخطئ بعض الناس- أحيانًا - في حقكي.. يوعد فيخلف أو يتأخر أو يجرحك بلسانه فلا بد لكسبه من حلم وكظم للغيظ لأنكي صاحبه هدف وغاية تريدي أن تصلي إليها مااجمل حين الانسان يتحلى بصفة الحلم وكظم الغيظ ولكن الانسان سرعان ماينفجر لوحصل له موقف من المواقف ؛ ولذا لا بد من حسن تصرفكي والله -عز وجل- يمتدح هذا الصنف من الدعاة فيقول : { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } آل عمران، الآية : 134 . وعن أنس - رضي الله عنه -قال : « كنت أمشي مع رسول الله وعليه برد غليظ الحاشية ، فأدركه أعرابي فجذبه جذبة شديدة حتى أزالت الرداء إلى صفحة عاتق رسول (الله صلى الله عليه وسلم) وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جذبته ثم قال : يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك .. فالتفت إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وضحك ، وأمر له بعطاء » . وهذا الموقف من سيد الخلق -عليه أفضل الصلاة والسلام - لا يحتاج مني إلى تعليق سوى أن اقول : ما قاله الحق عز وجل في وصف نبيه { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } القلم، الآية : الوسيله الثالثه السماحه في المعامله يوجز الرسول( صلى الله عليه وسلم)أصول المعاملة التي يدخل فيها المسلم إلى قلوب الناس ويكسب ودهم وحبهم فيقول : « رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى » وفي رواية « وإذا قضى » . فالسماحة في البيع : ألا يكون البائع شحيحًا بسلعته ، مغاليًا في الربح ، فظًا في معاملة الناس .الوسيلة الرابعة : المداراة
المداراة وليست المداهنة .. والمداراة هي لين الكلام والبشاشة وحسن العشرة لأناس عندهم شيء من الفجور والفسق لمصلحة شرعية . روى البخاري في صحيحه عن عائشة - رضي الله عنها : « أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآه قال بئس أخو العشيرة .. فلما جلس تطلق له وجه النبي صلى الله عليه وسلم وانبسط إليه فلما انطلق الرجل قالت له عائشة يا رسول الله رأيت الرجل قلت كذا وكذا ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه فقال الرسول صلى الله عليه وسلم يا عائشة متى عهدتني فاحشا ، إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه » .الوسيلة الخامسة :إدخال السرور على الآخرين
وهي من أهم الوسائل في تقوية الروابط وامتزاج القلوب وائتلافها .. كما إن إدخال السرور على المسلم يعد من أفضل القربات وأعظم الطاعات التي تقرب العبد إلى رب الأرض والسماوات .. ولإدخال السرور إلى القلوب المسلمة طرق كثيرة وأبواب عديدة الوسيلة السادسة:
احترام المسلمين وتقديرهم والتأدب معهم وتبجيلهم وإجلالهم فقد كان صلى الله عليه وسلم يجل من يدخل عليه ويكرمه وربما بسط له ثوبه ويؤثره بالوسادة التي تحته ويعزم عليه في الجلوس عليها إن أبى وينزل الناس منازلهم ويعرف فضل أولي الفضل وقال عليه أفضل الصلاة والسلام يوم الفتح « من دخل دار أبى سفيان فهو آمن » وقال صلى الله عليه وسلم « ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه » ومما ينبغي أن اذكركي واذكر نفسي به - أختي الداعية - في هذا المقام :
احترام من خالفكي في الرأي مما فيه مجال للاختلاف ومتسع للنظر .. وعدم انتقاصه ورميه بالجهل وقلة الفقه وسوء الظن به ما دام ظاهره السلامة .والله ياختاه ان بعض المواقف من اختلاف في المسائل الفقهيه تحصل لي ولكن احترام للمتحدث وعدم مقاطعته
قال ابن كثير رحمه الله وكان صلى الله عليه وسلم إذا حدثه أحد التفت إليه بوجهه وجسمه وأصغى إليه تمام الإصغاء ولا يقطع الحديث حتى يكون المتكلم هو الذي يقطعه .الوسيلة السابعة : حسن الكلام
لقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على طيب القول وحسن الكلام ، كما في قوله صلى الله عليه وسلم « الكلمة الطيبة صدقة » لما لها من أثر في تأليف القلوب وتطييب النفوس إنه ليس من المهم توصيل الحقيقة إلى الناس فقط ولكن الأهم هو الوعاء الذي سيحمل تلك الحقيقة بها .. فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول « زينوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا » فمن باب أولى أن نقول للدعاة زينوا الدعوة بحسن كلامكم فان الكلام الحسن يزيد الدعوة حسنا وجاذبية .. وخاصة عند النصح .. أن النصح علاج مر فليصحبه شئ من حلو الكلام فكوني من الذين يعملون الحق ويرحمون الخلق واسمعي إلى يحيى بن معاذ يقول : (( أحسن شئ كلام رقيق يستخرج من بحر عميق على لسان رجل رقيق )) وكم من كلمة سوء نابية ألقاها صاحبها ولم يبال بنتائجها وبتبعاتها فرقت بين القلوب ومزقت الصفوف وزرعت الحقد والبغضاء والكراهية والشحناء في النفوس ؛ ولذلك ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال « إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب »الوسيلة الثامنة : التواضع ولين الجانب
لقد كسب رسول الله صلى الله عليه وسلم بتواضعه ولين جانبه قلوب الناس من حوله .ذكر أنس رضي الله عنه صورة من صور تواضعه عليه الصلاة والسلام فقال « إن امرأة كان في عقلها شئ جاءته فقالت إن لي إليك حاجة قال اجلسي يا أم فلان في أي طرق المدينة شئت أجلس إليك حتى أقضي حاجتك قال فجلست فجلس النبي صلى الله عليه وسلم إليها حتى فرغت من حاجتها » وعند البخاري : « إن كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت حتى يقضي حاجتها ودخل عليه رجل فأصابته من هيبته رعدة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( هون عليك فإني لست بملك إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد » وبهذا الأسلوب والتواضع ولين الجانب دخل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى شغاف قلوب الناس من حوله . .الوسيلة التاسعة : الجود والكرم
إليكي - أختي الحبيبه - هذا السخاء وذلك الجود يأسر القلوب ويطيب النفوس... فعن أنس رضي الله عنه قال: « إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه غنمًا بين جبلين فرجع إلى بلده وقال :أسلموا فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى فاقة » فانظري وفقكي الله كيف أثر هذا السخاء النبوي على قلب هذا الرجل وجعل منه - بإذن الله - بعد أن كان حربًا على الإسلام أصبح داعية إليه .
وعن جابر رضي الله عنه قال « ما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قط فقال لا » ومن الجود الهدية وقد قال صلى الله عليه وسلم « تهادوا تحابوا » فالهدية باب من أبواب كسب القلوب وتنمية التآلف بينهاالوسيلة العاشرة : الرفق
فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله » بل الرفق مفضل على كثير من الأخلاق؛ لذا كان ما يعطيه الله لصاحبه من الثناء الحسن في الدنيا والأجر الجزيل في الآخرة أكثر مما يعطيه على غيره .. لقوله عليه أفضل الصلاة والسلام « إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي بالرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على سواه » .
ومن المواطن التي يتأكد فيها الرفق عند تقويم خطأ الجاهل. وانظري الي الصور المعبرة في تقويم الأشخاص عند خطئهم والتي يملؤها الرفق والرحمة