سباب حب الله عز وجل
الطريق الأول إلى حب الله: القيام بالفرائض
الأسباب التي تجعلنا نحب الله تعالى وهو أول سبب وأول مدخل وأول باب: أن نحافظ على الفرائض، فهي الباب الأول والمفتاح والطريق الأول إلى الله، ومن لم يحافظ على الفرائض فليبكِ على نفسه وليعلم أنه لا حظ له عند الله ولا نصيب في الآخرة، من تهاون في الفرائض فهذا علامة النفاق والفسق والخروج عن أمر الله، فالسبب الأول والباب الأول: أن نحافظ على الفرائض، يعني إذا أتى وقت الصلاة وأتى الأذان، وحضرت فريضة الله عز وجل فلو فصل رأسك من جسمك، لا يمكن أن تتأخر إلا لعذر أباحه الله لك وأحله الله لك، ومن تأخر عن ذلك فاعلم أن فيه نفاقاً يعبث في قلبه، ويوغل في قلبه ويمزق روحه، نسأل الله السلامة.
وعلامة المؤمن من المنافق وعلامة المسلم من الفاسق هذه الفرائض، الصلوات الخمس، فمن صلى وتعاهد المساجد، شهدنا له في الدنيا في القبر وفي الآخرة عند الله أنه من المؤمنين ولكن سريرته إلى الله، ومن تخلف عنها، وتهاون فيها شهدنا عليه في الدنيا وفي القبر وفي الآخرة أنه من العاصين الفاسقين وسريرته إلى الله عز وجل.
هذه الفرائض {وما تقرب إلي عبدي بأحب مما افترضته عليه } يعني: أن الفريضة أحب ما يتقرب به إلى الله عز وجل.
قراءة القرآن سبب إلى حب الله
السبب الثاني في القرب والحب والوصول إلى الله عز وجل: قراءة القرآن بتدبر، القرآن هذا هو مرآة الله في الأرض، وهو الميزان الذي يعرف الإنسان نفسه ويعرف كثرة الإيمان من قلته.
يقول ابن مسعود رضي الله عنه: [[لا تسألوا الناس عن أنفسكم، اسألوا أنفسكم عنكم وعن القرآن ]] من رأيته يكثر من قراءة القرآن ويتدبر القرآن ودائماً لا يمضي يوم إلا وهو يقرأ القرآن، فاعلم أنه قريب من الله، وأنه أصبح من الوصول قاب قوسين أو أدنى، ولذلك لا يشترط في المسلم والولي والمتقي أن يحفظ القرآن كله، فإن بعض الناس يحفظ سوراً قليلة لكنه رباني، وولي متصل بالله عز وجل، وبعضهم يحفظ الكثير وهو فاسق -نعوذ بالله من ذلك- فالمقصود: الحفظ فضيلة مع العمل والاتجاه وتربية النفس على هذا القرآن، ومن لم يحفظ الكثير فيردد ما يحفظ، ولو لم يردد في اليوم إلا قل هو الله أحد لكفى، فإنها من أعظم السور ويتدبر معانيها.
كان ابن تيمية يتدبر سورة الفاتحة الساعات الطويلة حتى يرتفع ويتعالى النهار، وهذا هو العجب العجاب، أن تتصل دائماً بالله في بيتك، في سوقك، في مكتبك، في أي مكان تعيش فيه.
ذكر الله دائماً
الأمر الثالث: ذكر الله دائماً وأبداً، فذكر الله طرد للشيطان، وولاية للرحمن، وطاعة ورضوان، وبعد عن كل ما يغضب الواحد الأحد سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، أول فائدة فيه أنه طرد للنفاق، من أراد أن يطرد النفاق والشبه والشكوك؛ فعليه بذكر الله الإدمان عليه، وهذا الحديث الذي سقناه لنحفظه {لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله } يكفي في هذا الباب، وخصص العلماء كتباً في هذا الجانب.
عودة للأعلى
التقرب إلى الله بالنوافل
الرابع من أسباب حب الله: التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، فليتقرب الإنسان ما استطاع.
أسباب حب النبي صلى الله عليه وسلم
وأما أسباب حب الرسول صلى الله عليه وسلم فقد مرت معنا ولا بأس بإعادتها فإنها مرت في الدرس السابق، فأسباب حبه صلى الله عليه وسلم أمور أربعة:
منة الله على عباده بإرساله صلى الله عليه وسلم
الأول: تلمح المنة بإرساله صلى الله عليه وسلم، واعلم أننا كنا في جاهلية جهلاء، وفي ضلالة عمياء ما يعلمها إلا الله، كان الإنسان أو العربي بالأخص وبالذات قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم أذل وأقل وأضعف عند أهل الأرض من الجعلان الذي يدحرج العذرة، فلما بعث الله هذا النبي العظيم الأمي صلى الله عليه وسلم، رفع الله راية الإسلام وأعلى الله قيمة هذا الإنسان ومجده، فحينما تتذكر أنك حسنةٌ من حسنات الرسول صلى الله عليه وسلم تحبه الحب العظيم، فالأول تلمح المنة بإرساله صلى الله عليه وسلم، واعلم أنك كلما سجدت لله سجدة فإن صاحب المنة بعد الله عز وجل هو محمد صلى الله عليه وسلم، من علمك وأتى لك بالصلاة والزكاة وقراءة القرآن والجلوس في بيوت الله وإصلاح بيتك وإصلاح قلبك والاتصال بالله عز وجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من الأمور؟!
النظر إلى خصال الخير فيه صلى الله عليه وسلم
الأمر الثاني: استقراء خصال الخير فيه صلى الله عليه وسلم من كتاب الله ومن السنة ومن نقولات السير والتواريخ، فإذا استقريت، وقر في ذهنك أنه من أشرف وأعظم وأرحم من خلق الله؛ عرفت حبه صلى الله عليه وسلم وقدره.
النظر في رحمته وشفقته ويسره
الأمر الثالث: النظر في يسره ورحمته وشفقته، وهل هناك إنسان يخفى عليه هذا؟
حينما يطالع كل باب من أبواب الفقه أو العبادات أو المعاملات، أو باباً من أبواب الرقائق والسلوك، فإنه يجد اليسر والسماحة والسهولة في سيرة هذا النبي صلى الله عليه وسلم.
العبودية لا تتم إلا بحبه صلى الله عليه وسلم
الأمر الرابع: مقام العبودية لا يتم إلا بحبه والاهتداء بهدية فليعلم ذلك، فالذي لا يتم حب الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يتمم الاقتداء به؛ لم يكمل له مقام العبودية.
هذه هي الأسباب الموصلة إلى حبه صلى الله عليه وسلم والتي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم: {أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما }