الحجاب يا فتاة الإسلام
الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد:
فهذهرسالة قصيرة موجهة إلى الأخت المسلمة تتعلق بمسألة الحجاب والسفور، ولا يخفى علىعاقل ما عمت به البلوى في كثير من بلاد المسلمين من تبرج كثير من النساء وعدمالتزامهن بالحجاب، ولا شك أن هذا منكر عظيم، وسبب لنزول العقوبات والنقمات. وفيهذا الرسالة بيان لفرضية الحجاب وفضائله وشروطه، وتحذير من التبرج وعواقبه، نسألالله أن ينفع بها أخواتنا المؤمنات، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
الحجاب عبادة وليس عادة
§ أختي المسلمة: إن دعاة الضلالة وأهلالفساد يحاولون دائما تشويه الحجاب، ويزعمون أنه هو سبب تخلف المرأة، وأنه كبت لهاوتقييد لحريتها، ويشجعونها على التبرج والسفور وعدم التقيد بالحجاب، بدعوى أن ذلكدليل على التحرر والتحضر، وهم لا يريدون بذلك مصلحة المرأة كما قد تعتقده بعضالساذجات، وإنما يريدون بذلك تدمير المرأة والقضاء على حياتها وعفافها، فاحذريأختي المسلمة أن تنخدعي بمثل هذا الكلام، وكوني معتزة بدينك متمسكة بحجابك، وتأكديأن الحجاب أسمى من ذلك بكثير، وأنه أولا وقبل كل شيء عبادة لله وطاعة لرسوله صلىالله عليه وسلم، وليس مجرد عادة يحق للمرأة تركها متى شاءت، وأنه عفة وطهارةوحياء.
§ أختي المسلمة، إن الله تعالى عندما أمركبالحجاب إنما أراد لك أن تكونٍ طاهرة نقية بحفظ بدنك وجميع جوارحك من أن يؤذيك أحدبأعمال دنيئة أو أقوال مهينة، وأراد لك به أيضا العلو والرفعة . فالحجاب تشريفوتكريم لك وليس تضييقا عليك، وهو حلة جمال وصفة كمال لك، وهو أعظم دليل على إيمانكوأدبك وسمو أخلاقك، وهو تمييز لك عن الساقطات المتهتكات .
§ فإياك إياك أن تتساهلي به أو تتنكري له،فإنه - والله - ما تساهلت امرأة بحجابها أو تنكرت له إلا تعرضت لسخط الله وعقابه،وما حافظت امرأة على حجابها إلا ازدادت رضا وقربا من الله، واحتراما وتقديرا منالله.
شروط الحجاب الشرعي
§ إن الحجاب الشرعي للمرأة المسلمة يجب أنيكون سميكا غير شفاف، وألا يكون زينة في نفسه كأن يكون ذا ألوان جذابة يلفتالأنظار، ولا ضيقا، ولا لباس شهرة، ولا معطرا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرّمعلى المرأة أن تتعطر وتخرج إلى مكان فيه رجال أجانب، فقال: (أيما امرأة استعطرتفمرت بالقوم ليجدوا ريحها فهي زانية)، وألا يشبه لباس الرجل، ويجب أن يكون الحجابأيضا ساترا لجميع البدن بما في ذلك الوجه الذي تساهلت بكشفه بعض النساء بحجة أنه ليسبعورة. وياللعجب كيف لا يكون الوجه عورة وهو أعظم فتنة في المرأة، وهو مكان جمالهاومجمع محاسنها، وإذا لم يفتتن الرجل بوجه المرأة فبماذا سيفتتن إذا ؟!!
§ ولقد وردت نصوص كثيرة في الكتاب والسنةتدل على وجوب تغطية المرأة لجميع بدنها؛ لأن المرأة كلها عورة لا يصح أن يرىالرجال الذين ليسوا من محارمها شيئا منها، ومن هذه الأدلة قوله تعالى: (وليضربنبخمرهن على جيوبهن) النور (31) قالت عائشةرضي الله عنها: (لما نزلت هذه الآية أخذن نساء الأنصار أزرهن فشققنها من قبلالحواشي فاختمرن بها) أي : غطين وجوههن. وأيضا ما جاء في الحديث المتفق على صحتهفي قصة عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك لما نامت في مكانها ثم أتى صفوان ابنالمعطل إليها قالت: فخمرت، وفي رواية: (فسترت وجهي عنه بجلبابي) الحديث كل ذلك ممايدل على وجوب تغطية الوجه .
§ لذا يجب على كل امرأة مسلمة أن تتقيالله في نفسها، وأن تلتزم بحجابها التزاما كاملا، ولا تتساهل بأي شيء منه، كأنتكشف مثلا كفيها أو ذراعيها، أو تلبس نقابا أو لثاما مثيرا للفتنة، تظهر من خلالهجزءا كبيرا من وجهها، أو تغطي وجهها بغطاء شفاف يشف ما تحته، ثم تعتقد بعد ذلكأنها قد تحجبت حجابا كاملا، وأن ما كشفته من جسمها يعتبر أمرا بسيطا لا يثيرالفتنة، أو لا يعتبر من التبرج، المذموم، وأنه يجب عليها أن تحرص على أن تتجنب كلما قد يؤثر على حجابها أو يخدش حيائها، لئلا يطمع فيها الفسقة كما هي عادتهم معالمرأة التي لا تظهر بمظهر الاحتشام الكامل ، ولكي لا تعرض نفسها لسخط اللهوعقابه، كما ورد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (صنفان من أهلالنار لم أرهما …) وذكر (… ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رءوسهن كأسنمةالبخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذاوكذا) رواه مسلم.
§ قال أهل العلم: معنى كاسيات عاريات أنهنيلبسن ملابس لكنها قد تكون ضيقة أو شفافة أو غير ساترة لجميع الجسم.
§ وسئل فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين –حفظه اللهتعالى- عن صفة الحجاب الشرعي، فأجاب حفظه الله بقوله: القول الراجح أن الحجابالشرعي أن تحجب المرأة كل ما يفتن الرجال بنظرهم إليه، وأعظم شيء في ذلك هو الوجه،فيجب عليها أن تستر وجهها عن كل إنسان أجنبي منها، أما من كان من محارمها فلها أنتكشف وجهها له .
§ وأما من قال إن الحجاب الشرعي هو أنتحجب شعرها وتبدي وجهها… فهذا من عجائب الأقوال !! فأيما أشد فتنة : شعر المرأة أووجهها ؟! وأيما أشد رغبة لطالب المرأة أن يسأل عن وجهها أو أن يسأل عن شعرها؟
§ كلا السؤالين لا يمكن الجواب عنهما إلابأن يقال: إن ذلك في الوجه. وهذا أمر لا ريب فيه، والإنسان يرغب في المرأة إذا كانوجهها جميلا ولو كان شعرها دون ذلك، ولا يرغب فيها إذا كان وجهها ذميماً ولو كانشعرها أحسن الشعر، ففي الحقيقة أن الحجاب الشرعي هو ما تحتجب به المرأة حتى لايحصل منها فتنة أو بها، ولا ريب أن متعلق ذلك هو الوجه .
التبرج والسفور دعوة إلى الفاحشةوالفساد
§ إن المرأة إذا تبرجت وتكشفت للرجال -غاض ماء وجهها، وقل حياؤها، وسقطت من أعين الناس، وعملها هذا دليل على جهلها وضعفإيمانها ونقص في شخصيتها، وهو بداية الضياع والسقوط لها، وهي بتبرجها وتكشفهاتنحدر بنفسها إلى مرتبة أدنى من مرتبة الإنسان الذي كرمه الله وأنعم عليه بفطرة حبالستر والصيانة، ثم إن التبرج والسفور أيضا ليس دليلا على التحضر والتحرر كما يزعمأعداء الإسلام ودعاة الضلالة، وإنما هو في الحقيقة انحطاط وفساد اجتماعي ونفسي،ودعوة إلى الفاحشة والفساد، وهو عمل يتنافى مع الأخلاق والآداب الإسلامية، وتأباهالفطر السليمة. ولا يمكن أن تعمل هذا العمل إلا امرأة جاهلة قد فقدت حياءهاوأخلاقها؛ لأنه لا يتصور أبدا أن امرأة عاقلة عفيفة يمكن أن تعرض نفسها ومفاتنهاهذا العرض المخجل والمخزي للرجال في الأسواق وغيرها دون حياء أو خجل.
§ وريما تعتقد بعض النساء أنها إذا خرجتمتبرجة كاشفة وجهها ومفاتنها للناس أنها بذلك ستكسب إعجاب الناس واحترامهم لها،وهذا اعتقاد خاطئ؛ لأن الناس لا يمكن أبدا أن يحترموا من تعمل مثل هذه الأمور، بلإنهم يمقتونها وينظرون إليها نظرة ازدراء واحتقار، وهي في نظرهم امرأة ساقطةمعدومة الكرامة والأخلاق، فكيف ترضى امرأة عاقلة لنفسها بكل ذلك؟! وما الذي يدعوهاإلى أن تهين نفسها وتنزل بها إلى هذا المستوى؟! أين ذهب عقلها وحياؤها؟!
§ فيا من أغراها الشيطان بالتبرج والسفور:اتقي الله وتوبي إليه من هذا العمل القبيح، واعرفي مالك وتذكري مصيرك، وتذكريسكناك وحيدة فريدة في القبر الموحش المظلم، وتذكري وقوفك بين يدي الله عز وجل،وتذكري أهوال يوم القيامة، وتذكري الحساب والميزان، وتذكري جهنم وما أعد الله فيهامن العذاب الأليم لمن عصاه وخالف أموره .. تذكري كل ذلك قبل أن تقدمي على مثل هذاالعمل، واعلمي أنك والله أضعف من أن تتحملي شيئا من عذاب الله، أو أن تطيقي شيئامن هذه الأهوال العظيمة التي أمامك، فارحمي نفسك ولا تعرضيها لمثل ذلك، وبادريبالتوبة النصوح قبل أن يغلق في وجهك الباب ، ويعلوك التراب، فتندمي ولات ساعةمندم.
كلمة إلى بعض الرجال
§ إنها لم تفسد أكثر النساء ولم تصل إلىهذا الحد من التبرج والسفور والتهاون بدينها وحجابها إلا بسبب تهاون بعض الرجال معنسائهم واستهتارهم بدينهم وفقدهم لنخوة الرجال وغيرتهم وعدم نهيهن عن مثل هذهالأعمال.
§ فيا حسرتاه … ترى كم فقد بعض الرجال منرجولتهم حتى أصبحوا أشباه رجال لا رجالاً، فويل ثم ويل لأولئك الذين لا يعرفونكرامتهم، ولا يحفظون رعيتهم، ولا يحسنون القيام على ما استرعاهم الله من النساء،ولقد توعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من فرّط في حق رعيته فقال: (ما من راعيسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة)
§ فيا أيها الرجال إن أعراضكم كأرواحكموقد فرطتم بها كثيرا، فأهملتم الرعاية، وضيعتم الأمانة، وركبتم الخطر، وإن تهلكونإلا أنفسكم وما تشعرون أفلا تعقلون وتتوبون إلى ربكم وتحفظون نسائكم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آلهوسلم