بسم الله وكفي والصلاه والسلام علي النبي المصطفي
اما بعد
تزيين الباطل ولبسه بالحق والشيطان يلبس الحق بالباطل للإنسان ويزين الباطل له حتى يصبح لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً ، قال تعالى : { تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } - النحل 63. وما أكثر الأمثلة لذلك في هذا الزمان من هذه الفرق الضالة فهؤلاء قال الله عنهم : { الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا } - الكهف 104 ، أي يظنون أنهم على حق وهو على باطل ، وتحدث القرآن عن عاد وثمود أن الشيطان زين لهم أعمالهم فصدهم بضلالهم عن الحق : { وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ } - العنكبوت 38، وقال أيضاً عن بلقيس وقومها : { وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ } - النمل 24
ويستغل إبليس أيضاً لحظات الغضب ليوقع المشاحنات والظلم والفرقة والقتال بين الناس ، ومنه التسلط بالرأى والتحيز للقبيلة أو العشيرة أو الشيخ وغيره دون الرجوع للحق حين ظهوره ، وقد سمى الله تعالى هذا على لسان موسى عليه السلام أنه من عمل الشيطان ، فقال : { وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ } - القصص 15، وفي حديث أبي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : « لاَ يُشِيرُ أَحَدُكُمْ عَلَى أَخِيهِ بِالسِّلاَحِ ، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِى لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِى يَدِهِ ، فَيَقَعُ فِى حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ » البخاري 7072 ، ومنه أيضاً سوء الظن الذي أمرنا الله تعالى بإجتنابه وبين أنه إثم ، عَنْ صَفِيَّةَ ابْنَةِ حُيَىٍّ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُعْتَكِفاً ، فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ ، فَانْقَلَبْتُ فَقَامَ مَعِى لِيَقْلِبَنِى . وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِى دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، فَمَرَّ رَجُلاَنِ مِنَ الأَنْصَارِ ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أَسْرَعَا ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم :« عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَىٍّ » . فَقَالاَ : سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ :« إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِى مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ ، وَإِنِّى خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِى قُلُوبِكُمَا سُوءاً - أَوْ قَالَ - شَيْئاً » البخاري 3281 وذلك من رحمته صلى الله عليه وسلم بهما حيث لو تركهما دون توضيح لظنا بوسوسة الشيطان ظن السوء برسول الله صلى الله عليه وسلم ولهلكا عندها
ولذلك كان من دعاء الصالحين : اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا إجتنابه - اللهم امين
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته