نعم الله على الإنسان لا تعد ولا تُحْصَى، يقول تعالى: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها والعبد يُسأل عن هذه النعم يوم القيامة ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ وفي الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه سلم قال : لا تزول قدما عبد حتى يسأل أربع : عن عمره فيم أفناه ، و عن علمه ما فعل فيه ، و عن ماله من أين اكتسبه و فيم أنفقه ، و عن جسمه فيم أبلاه أي سيُسأل هل شكر الله عز وجل على هذه النعم وعمل بما توجبه هذه النعم عليه من شكر الله عز وجل
والشكر عبادة قلبية كما انه عبادة باللسان والأعمال ومضمونها الاعتراف بنعم الله عز وجل .. وهي عبادة قليل فاعلوها .. يقول الله عز وجل وقليل من عبادي الشكور ويقول قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون.
ومن شكر الله فاز في الدنيا وفي الآخرة فالله عز وجل يزيد للشاكر النعم في الدنيا يقول الله تعالى : وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ لذلك فمن ترك الشكر فهو الخاسر .. يقول الله تعالى : ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم
والشكر صفة الأنبياء
كما قال تعالى عن نوح ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا وقال عن إبراهيم إن إبراهيم كان أمة قانتًا لله حنيفًا ولم يك من المشركين. شاكرًا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم وذكر سليمان لما سمع حديث النملة فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ
الشكر وصية الله عز وجل للأنبياء وللناس جميعا
ويذكر الأمر بشكر الله عز وجل في كتاب الله بعد ذكر النعم ليكون أبلغ في الحث على الشكر كما قال تعالى يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون
ويذكر نعمته على عبده داود ثم يأمر بشكر النعم يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا
ويخبرنا الله تبارك وتعالى عن حال الأمم السابقة وكيف أنعم الله عليها وأمرها بالشكر فلما أعرضت عن شكر الله زالت النعمة .. يقول تعالى لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُور